ربع مقال

الملكيون الجدد .. !!

د. خالد حسن لقمان

على الذين تدفعهم عاطفتهم الآن لوضع غطاء، على ممثلي وأعضاء حكومة “حمدوك” المتوقع إعلانها بين لحظة وأخرى وكذا أعضاء المجلس السيادي خاصة من جانب الأعضاء المدنيين.. على هؤلاء أن يدركوا أن اتجاههم هذا عبارة عن وباء يصيب كل من تهيأت له سانحة أن يعتلي عبرها سدة الحكم أو حتى من قدر له وبحكم انتمائه الحزبي أو الفكري أن يكون قريباً من هذه الحكومة وبالتالي فأصبح جزءاً منها .. وهذا الوباء هو الأكثر فتكاً بجسد أية حكومة أينما كان موقعها وأياً ما تمتعت بالقوة أو التأييد، ذلك ببساطة لأن الفعل هنا سيكون فعلاً مؤيداً بطلاقة وآخر معارضاً بشدة وهو ما تعبر عنه معادلة الحكومة والمعارضة تلك المعارضة التليدة (البليدة) إذا ما كان لاعبوها (دمك وأصحاب أهواء وأغراض ذاتية ودنيوية رخيصة) وهي في ذات الوقت (ذكية) إذا ما كان لاعبوها يحملون لأوطانهم شرف العمل السياسي الخادم للشعوب والأوطان.. وقد عبرت المرحلة السابقة (بمراحلها المختلفة وخلال 30 عاماً) عن وجهي هذه المعدلة، فبينما احتفت الأوساط في فترات ماضية بقدر ما من الحرية الصحفية، تضايقت مجموعات أخرى منها متنفذة في (شعاب الحكومة ووديانها) واعتبرت ذلك نوعاً من(الخيانة)، بل و(قلة الأدب)..الآن يوشك مؤيدو حكومة “حمدوك” المنتظرة أن يعلنوا وزراءها رجالاً فوق النقد وفوق الأخذ والرد معهم، بل وقد فعلوا ذلك الآن بالفعل مع شخصية رئيس الوزراء نفسه الدكتور “عبد الله حمدوك” الذي واجه فقط وحتى الآن بضعة ملاحظات طفيفة ونصائح جريئة إلا أن هؤلاء المؤيدين و(الملكيون الجدد) تصدوا لمن قدم هذه الملاحظات، ولمن قدم أيضاً نصائحه لرئيس مجلس الوزراء. وبالطبع فإن دافع هؤلاء جاء من خوفهم من توجيه معارضي الاتفاق السياسي الذي وقعته القوى الثورية مع قيادة المجلس العسكري حملات سياسية وإعلامية كثيفة تهدف لإضعاف الحكومة القادمة وعرقلة مسيرتها، ومن ثم إسقاطها. وهذا هو ما يسميه علماء النفس بـ(الخوف الهستيري) الذي تظن معه أن أشخاصاً مجهولين سيقذفونك بالحجارة بمجرد وضع قدمك على الطريق العام. . وهذا هو بالضبط ما يحدث الآن بين بعض الصحفيين (المفتحين) ومؤيدي الحكومة الجديدة.. وهو الوضع الذي يدعونا هنا لمناشدة هؤلاء المؤيدين للحكومة القادمة ليقوموا بدورهم في التقويم المستمر لما سيقدمه قادتهم التنفيذيون من أداء حكومي، وبمثل ما ابتدعوا من الوسائل لإنجاح ثورتهم على الميدان فيجب أن يكونوا الأحرص الآن على سير حكومتهم القادمة في مسارها الصحيح وإلّا فإن السيد “حمدوك” وفريقه التنفيذي سيواجهون بالفعل الفشل الذي إن حدث فسيكون مدوياً و صاعقاً .. وأذكر أننا عندما كنّا نقوم بنقد أداء حكومات النظام السابق بشدة وقوة، كنّا نواجه مواجهات ضارية من مؤيديها الذين كانوا يدافعون عنها بأكثر من دفاع الملك نفسه عن مملكته، وهؤلاء (المطبلون) هم من أسقطوا نظامهم ودمّروا حكوماتهم بعد أن نخروا فيها كما فعلت الأرضة بمنسأة “سليمان” عليه السلام ..

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية