مفاوضات أديس أبابا.. هل يبزغ منها فجر جديد؟
قدمت مسودة اتفاق من قبل الثورية تشبه وثيقة كمبالا..
تقرير : رشان أوشي
مخاض عسير .. تشهده مفاوضات الحلفاء في قوى الحرية والتغيير بالعاصمة الإثيوبية (أديس أبابا)، اعتراضات الجبهة الثورية التي تضم الحركات المسلحة على بنود الإعلان السياسي الذي أبرم بين المجلس العسكري الانتقالي، وقوى الحرية والتغيير، عطلت جلسات التفاوض بشأن تسليم السلطة للمدنيين بشراكة العسكر، وكاد أن يجرف طوفان الخلاف الحلف المرحلي الأقوى في الساحة السياسية بالبلاد فيما بعد الثورة، بعد عدة اجتماعات عاصفة، تمخض عنها مسودة اتفاق قدمتها الجبهة الثورية لحلفائها لمناقشتها، اليوم يترقب السودانيون بحذر ما ستسفر عنه لقاءات أديس أبابا والتي ستحدد مصير الثورة السودانية ومستقبل البلاد السياسي في ظل التغيير الذي حدث مؤخراً.
تباين رؤى:
وجه الرأي العام سهام نقد لاذعة لما يحدث في أديس أبابا، ووصفه البعض بـ(المحاصصة)، والسعي لتوزيع (كيكة) السُلطة على حساب قضايا شهداء الثورة ومطالب الجماهير، ولكن سرعان ما نفت الحركة الشعبية قطاع الشمال برئاسة “مالك عقار” سعيها للمشاركة في السُلطة التنفيذية وجددت التزامها ببنود إعلان الحُرية والتغيير القاضي بتشكيل حكومة كفاءات وطنية بحسب ما ورد في بيان لها ممهور بتوقيع “مالك عقار”، بينما اعتبر رئيس حركة العدل والمساواة د.”جبريل إبراهيم” في تصريحات صحافية أن المشاركة في السلطة حق أصيل لا يمكن سلبهم إياه، بينما جدد تجمع المهنيين التزامه ببنود الإعلان نافياً أن تكون لقاءات أديس أبابا لتقسيم المناصب.
فجر جديد:
تشبه نقاط مسودة الجبهة الثورية التي وضعتها على طاولة مشاورات أديس أبابا، بنود وثيقة الفجر الجديد التي وقعتها القوى السياسية المدنية مع الحركات المسلحة في (كمبالا) 2013م، إذا شملت وثيقة الجبهة الثورية نقاط أهمها: (تلتزم السُلطة الانتقالية والجبهة الثورية السودانية بإبرام اتفاق سلام شامل)، عادل ومستدام متفاوض عليه يخاطب جذور المشكلة السودانية وآثارها بما في ذلك القضايا المتعلقة بالتهميش وقضايا الشعوب المتأثرة بالحرب وذلك في مدة أقصاها ستة (6) أشهر من تاريخ تشكيل مجلس الوزراء القومي للسُلطة الانتقالية، تبدأ مفاوضات السلام خلال مدة أقصاها شهر واحد من تاريخ تكوين مجلس الوزراء الانتقالي، الاتفاق السياسي أو الإعلان الدستوري أو أي دستور انتقالي أو أي قانون أو مرسوم يجب أن لا يتعارض أو يعيق محادثات السلام أو مضمون أو مخرجات اتفاق السلام.
تسود نصوص وأحكام اتفاقية السلام التي سيتم التوصل إليها لاحقاً بين السُلطة الانتقالية والجبهة الثورية السودانية، على كل ما يتعارض معها من نصوص وأحكام واردة في الاتفاق السياسي، الإعلان الدستوري أو الدستور الانتقالي أو أي مرسوم وقانون آخر، يجب إعادة تشكيل وتكوين المؤسسات التي تنشأ بموجب الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري بما في ذلك المجلس السيادي ومجلس الوزراء والمجلس التشريعي وكل المفوضيات ومؤسسات الحكم الإقليمي الولائي والمحلي، لتستوعب مخرجات اتفاق السلام الذي سيبرم بين السلطة الانتقالية والجبهة الثورية السودانية، تعاد هيكلة القطاع الأمني (القوات النظامية) وفق شروط اتفاق السلام الذي سيبرم بين السلطة الانتقالية والجبهة الثورية السودانية من أجل بناء هذا القطاع على أسس مستقرة ومهنية ومستقلة ومستوعبة للتنوع، خاضعة للسلطات المدنية وقادرة على الوفاء بواجباته الدستورية والقانونية. هذه القوات يجب أن لا يكون ولاؤها لحزب أو جماعة أو مجموعة سكانية بل يجب أن يكون ولاؤها لكامل الدولة السودانية، تلتزم السلطة الانتقالية بالمعاهدات الدولية وأي معايير والتزامات دولية ذات صلة، بما في ذلك التعويض وإعادة الممتلكات فيما يخص النازحين واللاجئين ويجب كفالة وضمان واحترام حقوق الإنسان النازح واللاجئ المنصوص عليها في المعاهدات والقوانين الدولية خلال عملية العودة الطوعية وبعدها، وأشارت المسودة إلى التزام السُلطة الانتقالية بألا تتم إجراء انتخابات عامة قبل تحقيق اتفاق سلام عادل وشامل ومستدام الذي يعالج جذور النزاعات وآثارها في السودان وقبل تهيئة المناخ للعودة الطوعية للنازحين واللاجئين، تلتزم السلطة الانتقالية بعدم عقد مؤتمر دستوري قبل الوصول إلى سلام عادل وشامل ومستدام يعالج أسباب النزاعات وآثارها في السودان من ضمن قضايا أخرى ليست على سبيل الحصر وهي التالية: (الهوية، المواطنة المتساوية، علاقة الدين بالدولة، نظام الحكم، تقاسم السلطة والثروة، إعادة هيكلة الدولة والترتيبات الأمنية المستدامة)، وأشارت المسودة المسربة إلى ما اسمته إجراءات بناء الثقة التي اشتملت على : (يجب على السلطة الانتقالية اتخاذ إجراءات بناء الثقة الآتية طوال الفترة الانتقالية، السماح بوصول المساعدات الإنسانية بما في ذلك ما تقدمه منظمات الإغاثة والمساعدات الأجنبية إلى المناطق المتأثرة بالحرب دون إعاقة، إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين المحكومين والأسرى، تمكين لجنة الصليب الدولي من تنظيم تبادل الأسرى، إلغاء كل الأحكام الغيابية والتهم التي صدرت ضد قيادات وأعضاء الحركات المسلحة، ضمان الحُريات الأساسية بما فيها حرية الإعلام والتنظيم والتجمع، الالتزام بقرار مجلس حقوق الإنسان القاضي بفتح مكتب للمفوضية السامية لحقوق الإنسان في السودان، إنفاذ إجراءات العدالة الانتقالية والمحاسبة على كل الجرائم التي ارتكبت في حق الشعب السوداني، وخاصة جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وتشمل هذه الإجراءات التسليم الفوري لـ”عمر البشير” والمتهمين الآخرين للمحكمة الجنائية، إبرام اتفاق وقف العدائيات في دارفور والمنطقتين مع الجبهة الثورية السودانية يتضمن آليات رقابة مدعومة إقليميين ودوليين، يجب أن يتضمن اتفاق وقف العدائيات الحق الفوري للجبهة الثورية السودانية لممارسة نشاطها بصفتها تنظيم سياسي في كل ربوع السودان.
التزامات:
انتشرت دعاوى على مواقع التواصل الاجتماعي للمشاركة في موكب يتجه لمقر تجمع المهنيين السودانيين بالخرطوم لتسليمهم إعلان الحرية والتغيير وحثهم على الالتزام به في تفاوضهم حول الحكومة الانتقالية سوى مع المجلس العسكري الانتقالي أو الحلفاء في الجبهة الثورية، ومن جانبه أكد متحدث رسمي سابق لتجمع المهنيين “محمد الأسباط” على أن ما يجري في أديس أبابا هو تهيئة المناخ للمفاوضات حول السلام بعد تشكيل الحكومة الانتقالية، لأنه من الصعب بمكان عقد مفاوضات داخل الخرطوم خصوصاً بعد ما حدث لنائب رئيس الحركة الشعبية/ شمال “ياسر عرمان” وترحيله قسرياً خارج البلاد، ولكن طرح جند جديد على طاولة التفاوض يتعلق بالمطالبة بتشكيل حكومة تصريف أعمال لمدة (6) أشهر، والمقترح الخاص بإعلان رئيس الوزراء، وتأجيل تشكيل المجلس السيادي ومجلس الوزراء بعد التوقيع على اتفاق سلام، ومطالبة الجبهة الثورية بمقعدين في مجلس السيادة، و(50%) من مجلس الوزراء، وأن تكون رئاسة الوزراء دورية، هذه القضية لم تكن مطروحة قبل سفر الوفود إلى أديس أبابا، ويردف “الأسباط”: (هذه القضية يستحيل تحقيقها لأن مرجعية (ق.ح.ت) هي إعلان الحُرية والتغيير وبنوده واضحة ولا تشتمل على محاصصات بل تشكيل حكومة كفاءات وطنية، وطرح المحاصصة يتعارض على بنود الإعلان، الذي لا توجد فيه فقرة واحدة تتحدث عن فتحه من جديد والنقاش حوله)، ويضيف: (ما حدث في أديس أبابا مزايدة سياسية ، حتى وإن التزم المجتمعون في أديس أبابا بالمحاصصة فإنهم لن يستطيعوا أن يسوقوا الاتفاق للشعب السوداني الذي سيرفضه بدوره، لأن الإعلان أصبح وثيقة وطنية سار خلفها السودانيون، فلم يتحرك الثوار خلف حزب سياسي أو شخصية، إنما التفوا حول فكرة وهي إعلان الحرية والتغيير ولن يقبلوا القفز عليها)، ويشير “الأسباط” إلى غياب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان/ قطاع الشمال “عبد العزيز الحلو”، ورئيس حركة تحرير السودان “عبد الواحد محمد نور” وهما من يملكان قوة حقيقية على الأرض على حد تعبيره، ومشدداً على ضرورة النظر إليهما.