.. الرغبة الجامحة والغريبة والمريبة لبعض قوى الحرية والتغيير للسيطرة الكاملة على الفترة الانتقالية من خلال مجلس وزراء غير منتخب يستطيع أن يباشر (بجانب المهام الديوانية للدولة بوزاراتها وهيئاتها المختلفة ) ما يتعلق بالولايات وتعيين ولاتها وعزلهم وتعيين السفراء وإعفائهم وتعيين مجلس القضاء وبالتالي تعيين رئيس القضاء وبقية رؤساء الأجهزة القضائية الأخرى بجانب تعيين النائب العام .. كل هذا يبدو أمراً متعنتاً على نحو كبير لا مبرر له وهو الآن ما يعطل التوقيع على الاتفاق النهائي بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير .. لماذا لا تريد قوى الحرية والتغيير التعامل بروح الشراكة مع المجلس العسكري باعتباره واقعاً لا فكاك منه ، ودونكم الآن مفاوضاتكم المتعثرة مع الحركات المسلحة ..؟؟ .. لماذا لا تنظر لهذه الفترة كما وطبيعتها كفترة انتقالية تصريفية وتمهيدية فقط لمرحلة الانتخابات الحرة التي تأتي بالحكومة المنتخبة من الشعب والتي هي المعنية حينها بوضع القوانين والتشريعات وليست الحكومة الانتقالية .. هذا هو المنطق والقانون والتجربة .. وهل من المعقول أن تطالب هذه القوى أن تكون آلية اتخاذ قرارات الدولة عبر اتخاذها في مجلس الوزراء ثم رفعها للمجلس السيادي الذي عليه أن يعلن إجازتها وموافقته عليها كما هي وإلا فإنها تعتبر مجازة ( رغم أنف المجلس السيادي ) بعد 15 يوماً .. ؟؟ .. هل هذا منطق .. يعني إجازة مجلس السيادة لها لا قيمة لها لأنه وفي كل الأحوال ستمضي هذه القرارات بموافقة مجلس السيادة أو دونها ..!! .. ما هذا يا قيادات الحرية والتغيير ..؟؟ .. هل من بينكم من لا يريد لهذا الاتفاق أن يمضي إلى بر الأمان حتى تتحقق طموحات الشعب السوداني الذي صبر كثيراً وكثيراً جداً ..؟؟!!!! .. والغريب الذي هو أكثر غرابة أن تحاول قوى الحرية والتغيير أن تفرض واقع النظام البرلماني على نظام الحكم في السودان وذلك من غير الاتفاق عليه على أي مستوى تشاوري – انتخابي يقول الشعب السوداني عبره كلمته .،؟؟ .. من يحق له اختيار نظام الحكم في البلاد ..؟؟ .. ما هذا الخطل والخلل في مباشرة التفاوض والتداول حول النظام الانتقالي ..؟؟ .. أما الذي يدعو للريبة هو إصرار قوى معينة داخل قوى الحرية والتغيير على أن يتولى المجلس التشريعي ( الذي تم الاتفاق على تأجيل مناقشته مع المجلس العسكري لما بعد الشهور الثلاثة الأولى من تاريخ توقيع الاتفاق ) التشريع لهياكل الدولة التنفيذية وقوانينها وذلك بعيداً عن الدين تماماً حيث تعمدت الوثيقة المقترحة تجاهل العبارة التعريفية للدولة السودانية التي أقرها الشعب السوداني منذ أكثر من 64 عاماً وفي أول جلسة لبرلمانه الوطني المنتخب عبر انتخابات حرة مشهودة وموثقة بشخوصها الذين هم القيادات التاريخية للسودان و الرموز الوطنية للعمل الوطني السوداني بمختلف توجهاتهم الفكرية وأحزابهم السياسية .. ما الذي ترمي إليه هذه القوى المنتسبة لقوى الحرية والتغيير إذاً ..؟؟ .. هل تريد صياغة الدولة السودانية من جديد بعيداً تماماً عن الدين وعن كل المكتسبات القانونية والعرفية والثقافية التي قامت عليها الدولة السودانية الحديثة بعد الاستقلال المجيد .. ؟؟ .. أجندة من هذه ..؟؟ .. هذا الموقف التفاوضي من قوى الحرية والتغيير يضع حلمنا وحلم كل السودانيين الثوار الذين أنجزوا ثورة ديسمبر في كف عفريت .. لماذا يريد البعض داخل قوى الحرية والتغيير إجهاض هذا الاتفاق الذي بات الآن يمثل طوق النجاة لكل الشعب السوداني للعبور من هذه المرحلة الحرجة بل والشديدة الحرج .. ؟؟ .. أرجوكم يا قيادات الحرية والتغيير المفاوضين لا تجعلوا أجندة البعض منكم تهزمكم وتهزمنا
وتهزم الشعب السوداني كله .. إنها لحظة صدق مع الوطن وأهله فلنقف جميعنا احتراماً لها وإلا فلن يعصمنا جميعاً عاصم من الطوفان ..