نوافذ

بعد الغياب!

انقطاع دام لأكثر من أربعين يوماً ربما.. كان كثير من الكتاب ينامون على صوت الغياب.. أوقف بعضهم الكتابة.. واستمر البعض في كتاباته التي ظلت حبيسة هاتفه أو اللابتوب الخاص به.. وأطل ذلك البعض الآخر الذي ساعدته ظروف وجوده بالعاصمة القومية أو مقر صحيفته أو مجلته على القراء بطريقة أو بأخرى.
أما أنا.. فقد كان عيدي مختلفاً.
كما أن معظم من يهمهم أمر الإنسانية والوطن.. كان عيداً يختلط فيه الكعك والبسكويت بلون الدماء.. كما ارتبطت فيه التهاني بمقولة ثابتة (عيدكم مبارك.. لو فضل فيها عيد).
وبالرغم من أننا كنا نحتفي بالعيد حتى في كل الظروف.. لأن أبي يرى العيد هو العيد يوم من أيام الله التي جعلها للفرح الخالص.. وترعرعنا نحن على هذا الأساس.. غير أنني للمرة الأولى أراه لا يعترض الحزن المطل من أعيننا جميعاً يوم ذاك العيد.
كان سفري لقريتي الحبيبة تحت إصرار والدتي التي نادراً ما تلح على أمر.. حتى أنها أقسمت بالله أن لا تغادر إلى منزلها من دوني.. وتماطلتُ في السفر منذ (الأربعاء) حتى صباح (الأحد).. على أمل أن تعدل عن رأيها ذاك وتغادر دون أن أغادر معها أنا.. غير أنها ظلت على إصرارها ذاك حتى قررت أن أسافر معها على مضض دون أن أكلف نفسي عناء التسوق لأجل عيد (البلد).. كما كنت أفعل ويفعل معظمكم.. ثم كان انقطاع وسائل التواصل الاجتماعي وانقطاع التيار الكهربائي عن قريتنا لأكثر من تسعة أيام مما حال دون مشاهدتنا حتى للتلفاز.. وأعادنا قسراً إلى عهد الراديو الذي نحب.
ثم عدت إلى العاصمة ففوجئت بشوارعها الخاوية على عروشها.. بجداريات كنت أحسبها تاريخاً لأجيال قادمة.. قد تم استبدالها بلون أبيض كما ألوان مستشفيات الصحة النفسية.
بتغيير في كل شيء ما عدا حال البلد.
فأحسست بحالة من الإحباط حالت دون بقائي على قيد الفرح.
أما الآن وقد اكتست الشوارع بلون النصر.. ولاحت علامات الفرح في سماوات البلد.. بعد أن بكينا الراحلين منا في مليونية (٣٠) يونيو.. واحتفت العاصمة واحتفى السودان جميعه ببشارة الاتفاق.
فأرجو أن يتم المُنى.. وننعم بالهدوء والسلام.. وأن يجتمع شملنا ويلتئم جرح وطننا في حضرة السلام..
هذا والمحبة والسلام.
وكل عام وأنتم ترفلون بالسعادة والأمان..
كل يوم والسودان بخير..

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية