الرئيس المكلف لمفوضية حقوق الإنسان لـ(المجهر) 1ـ 2
إعفائي من المنصب كان مجحفاً والرئيس السابق خالف القانون
رفعت دعوى قضائية ضد “البشير” ما زالت في المحكمة
لا أطمع في الكرسي والمجلس العسكري أنصفني
منذ إنشاء المفوضية في العام 2012 لم يحدث وأن رفعت تقريراً على مستوى الوطن أو للأمم المتحدة.
حوار: انتصار فضل الله
كشفت “حورية إسماعيل عبد المحسن” الرئيس المكلف لرئاسة مفوضية حقوق الإنسان بالخرطوم، عن استمرار دعوتها القضائية التي رفعتها ضد الرئيس المخلوع “عمر البشير” مبينة أنها في انتظار الحُكم العادل، ودعت إلى ضرورة الاهتمام بالمفوضية والعمل على تمويلها للقيام بأدوارها كافة
وأشارت في حوار لـ(المجهر) إلى أن المفوضية لم تقم برفع تقرير سابق على مستوى الوطن أو للأمم المتحدة بسبب عدم الرغبة السياسية وتحجيم العمل المفروض عليها من قبل النظام السابق.
*بداية أين وصلت الدعوة الإدارية المرفوعة ضد الرئيس السابق “البشير” عقب إعفائك من منصب رئاسة المفوضية ؟
ـ طبعاً القضية مستمرة فبعد أن حكمت المحكمة في المرحلة الأولى شعرت أنها التفت حول القرار لإعطاء الشرعية لقرار الرئيس المتعلق بإعفائي بدون مسبب قانوني أو ذكر أسباب، رغم أني مستوفية كافة شروط التعيين، عليه قمت باستئناف القرار بالمحكمة العليا ومازلت منتظرة.
*حدثينا قليلاً عن شروط التعيين؟
ـ دعيني أوضح أنه يتم وفقاً لمعايير دولية صعبة وصارمة جداً وردت في الدستور والقانون واعتمدتها الأمم المتحدة في العام 1991م وتم التوقيع عليها في باريس فسميت بمعايير مبادئي باريس وتتمثل في المحايدة والاستقلالية والتأهيل في المجال، وأهم شرط أن لا تكون الشخصية المختارة لرئاسة المفوضية تعرضت لأي إدانة.
*طيب هل كنت مستوفية لهذه الشروط ؟
ـ بالتأكيد كنت مستوفية لها ولقد تفاجأت كثيراً بقرار الإعفاء خاصة وإني صاحبة خبرة وخلفية واحمل درجتي ماجستير ودبلوم عالي في مجال حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، كما تخرجت في جامعة الخرطوم كلية القانون وأيضاً لي خبرة (35) عاماً كمستشارة في وزارة العدل، كل ذلك يؤكد أنني كنت مستوفية كل الشروط وأجدد قولي بأن الإعفاء كان مجحفاً جداً.
*هل توجد في القانون مادة تمنح رئيس الجمهورية صلاحيات الإعفاء؟
ـ نعم هناك مادة تمنحه هذا الحق، ولكن المادة لا تعطيه الحق المطلق إذ لا يمكن أن يتم إعفائي إلا في حالة أن أكون قد ارتكبت جريمة وهذا لم يحدث، أو الغياب المتكرر وأنا طبعاً كنت حريصة جداً على الحضور، وكان لدى دفتر حضور وانصراف، وكنت (داخلة بوقع وطالعة بوقع).
*هل تم تعيين رئيس كفؤ عقب إعفائك؟
ـ طبعاً الرئيس السابق أحضر زوجة شقيقه الذي كان يرأس المفوضية في وقت سابق، وليست لي أدنى معرفة بها، وإنما جاءت وفقاً للتعيين ولا أدري عنها تفاصيل كثيرة، ويمكنني القول إن قرار التعيين لم يكن موفقاً، وبعد المشاكل الأخيرة والإطاحة بنظام “البشير” تم إعفاؤها وتم إرجاعي للعمل ولقد قبلت التكليف.
*كيف تمت إعادة تعيينك في المنصب؟
ـ اتصل بي المسؤولون في المجلس العسكري وتحديداً مكتب نائب الرئيس، وعرفت أنهم بحثوا وسألوا عني قرابة ثلاثة أيام، وسمعوا بأني كنت في هذا المنصب، وجاءت موافقتي بدافع الوطنية ومراعاة للظروف الحرجة التي تمر بها لحين وجود حكومة يتوافق عليها كل الأطراف، ومسألة بقائي أو ذهابي سوف تقرره المرحلة القادمة وصراحة لا أطمع في الكرسي.
*هل تضررت لأن الدستور يمنح الرئيس حق التعيين؟
تضررت كثيراً من ناحية أن الرئيس خالف القانون الذي وقع عليه بيده، لذلك قدمت طعناً ضده.
*هل كان لديكم مشاركة في ميدان الاعتصام بالقيادة العامة بعد؟
ـ طبعاً قبل التعيين كنت من ضمن الثوار، وبعد أن تمت إعادتي لرئاسة المفوضية نصبت خاصة بتلقي الشكاوى ومراقبة الأوضاع وكنا شاهدين على الحدث، وكانت الشكاوى مختلفة عن التي تصل مقر المفوضية، حيث بدأت تظهر بعض شكاوى التعذيب وحالات إختفاء وكنا نقوم بتسجيلها وإرسالها للجهات المعنية سواء جهاز الأمن أو الشرطة للرد عليها.
*هناك اتهام من البعض أن المفوضية مؤسسة بلا صلاحيات؟
ـ شوفي المفوضية لديها صلاحيات كفلها القانون وعليها حماية ومراقبة وتطبيق حقوق الإنسان، والقانون يمنحنا حق تقديم النصح لكل الأجهزة والجهات الحكومية بوقف أي انتهاك حال كان موجوداً، ونحن ملزمون بوثيقة الحقوق والحُريات الواردة في الدستور وهي مبنية على عهدين دوليين انضم لهما السودان عام 86 عهد الحقوق السياسية والمدنية وعهد الحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصاديةـ وأقول إن وجود المفوضية ينفذ للدولة التزاماتها الدولية ويكفيها الكثير من المشاكل وفي ذات الوقت لها خصوصية وتعتبر جهة رقابية تراقب كيفية تطبيق المحكمة الدستورية وغيرها من المحاكم لحقوق الإنسان وذلك وفقا للمادة (48) المنصوص عليها في الدستور وتقوم بتوجيه المجلس التشريعي إعادة النظر في القوانين حال وجود نصوص مخالفة لحقوق الإنسان أو صدور قرارات إدارية مخالفة وتساعد المفوضية في استبانة الانتهاكات وتقوم بتوجيه محاسبة المنتهكين بمحاكمات عادلة، وإنصاف أسر الضحايا لكنها لا تدين لأن عملها في جانب الرصد والمتابعة، وأضيف أن بإمكان المفوضية لعب دور الوسيط في حل النزاعات بدل الاعتماد على أطراف من الخارج.
*يمكننا القول إن هناك تحجيماً لأدواركم؟
ـ يمكن القول إنها تحجمت لأن تكون مؤسسة موجودة فقط دون أن يكون لها دور فاعل، وأشير إلى الكثير من الممارسات الخاطئة في العهد السابق في جانب ضعف التمويل للقيام بواجبها كما والمفوضية ما زالت تواجه تحدي في جانب تعيين الكفاءات عبر لجنة الاختيار والواضح أن التوظيف شهد تباطؤاً عقب إعفائي وتم عن طريق المحسوبية، واقول في وضعية مثل حالة الطوارئ التي تمر بها البلاد كان من الممكن أن يكون لنا دور كبير يتمثل في حل النزاع بين المجلس العسكري وقوى الحُرية والتغيير.
*ذكرت سابقاً أنك تقدمي التوصية للجهات المعينة هل هناك مهلة محددة للرد عليها؟
ـ توجد مهلة (60) يوماً لكن ليست لدينا آلية تنفيذ وبعد انقضاء الفترة يمكنني أن انشر وأقول إن الجهة خالفت القانون ولم تلتزم ومن ناحية أدبية على الجهات الإلتزام لأن النشر يضر بالسمعة.
*هل تراقبون كل السجناء داخل المعتقلات والسجون؟
ـ نحن نراقب وضع الإنسان خارج وداخل أسوار السجون والمعتقلات للوقوف على المعاملة التي يتلقونها ونعرف مدى موائمة ذلك للمعايير المنصوص عليها في العهد الدولي لحقوق الإنسان، وجميل أن السودان لديه قانون صدر 2010 خاص بتنظيم السجون ومعاملة السجناء انبثقت منه لائحة متماشية مع معايير حقوق الإنسان، وهذا ما لمسناه في الزيارة الأخيرة للسجون واتضح أن إدارة السجون تطبق هذه المعايير الدولية المسماه بمعايير “نيلسون مانديلا”.
*من خلال زياراتكم لسجن كوبر الفترة الماضية هل كان الهدف التأكد من وجود السياسيين أم الوقوف على وضعية الحراسات؟
ـ بالتأكيد هدفت للوقوف على وضعية الحراسات وما إذا كانت مستوفية للشروط العالمية لحقوق الإنسان أم لا إلى جانب الوقوف على معاملة المحتجزين.
*وكيف كانت؟
ـ كانت مرضية مثلها مثل غرفهم في المنازل تحتوي على مكيفات ومراوح وأسرة، ولكن من المفترض أن يحدث تعديل أفضل لكل الحراسات بالسجون.
*ننتقل بك للحديث حول قانون حقوق الإنسان؟
ـ يتمتع بصلاحيات واسعة جداً لأنه مبني على مبادئ دولية تتوافق عليها كل المؤسسات الوطنية في العالم ومتوائمة مع مبادئي باريس بنسبة 90% لكنه يحتاج لبعض التعديلات وسوف نعمل على إدخالها لاحقا حتى يتماشى مع المبادئ العالمية والقانون يطلب من المفوضية خلق علاقات حتى مع الدول التي تملك مراكز ومنظمات ومؤسسات تعنى بحقوق الإنسان.
*هل هناك قوانين تتنافى عالمياً مع حقوق الإنسان؟
إذا وجد قانون يقيد الحُريات الواردة يمكن أن تبادر المفوضية بقانون جديد يستوعب حقوق الإنسان ولدينا صلاحيات مخاطبة البرلمان بتعديل القوانين المخالفة.
*قانون أمن المجتمع دائماً ينتقد المرأة في الزي ما رأيكم فيه؟
ـ طبعاً كلمة الزي الفاضح وردت في القانون الجنائي وسوف نقوم بمراجعة كل الأشياء التي تقيد حُريات المرأة لأنه ليس من الممكن أن يتم وضع نص فضفاض بهذا الشكل، ويجب أن تكون هناك مرونة وفقاً للاتفاقية الدولية التي تراعي حقوق المرأة.
*هل تجدون تعاوناً من الجهات الحكومية بمختلف مُسمياتها ؟
ـ بالتأكيد.. ودعيني أوضح أن المفوضية عبارة عن مؤسسة في الدولة ليست لديها صبغة حكومية، كما أنها ليست مؤسسة حكومية، ويجب على الدولة القيام بتمويلها بشكل مباشر لأنها مناط خلق علاقات مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والمراكز داخل وخارج السودان، بالتالي تضع خططها كاملة، وأشير إلى أن تعيين الرئيس يتم لفترة خمس سنوات وقابل للتجديد، فبالتالي تضع المفوضية خططها لخمسة أعوام قادمة، وأقول إن التبديل والتغيير للرئيس وفقاً لمعايير معينة يخلق مشكلة كبيرة لأنه يصبح من الصعب عمل الالتزامات الدولية.
*هل لديكم أي عضوية في المؤسسات الدولية التي تعنى بمراقبة حقوق الإنسان؟
كنا أعضاء في الشبكة الحكومية والشبكة العربية لحقوق الإنسان، وفي إطار الاتحاد الأفريقي السودان عضواً مراقباً في لجنة حقوق الإنسان والشعوب، وتربطنا علاقة بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان ونسعى لأن نكون أعضاء فيها.
*هل سبق أن قدمت المفوضية تقريراً عن حقوق الإنسان؟
ـ لم يسبق لنا تقديم تقرير حالة على مستوى الوطن والأمم المتحدة طوال فترة عمل المفوضية منذ إنشائها في العام 2012 وحتى اليوم.
*هل كنتم تواجهون معوقات حالت دون كتابة التقارير ؟
بلا شك هناك معوقات وهي عدم الرغبة السياسية الأكيدة لتحقيق ذلك، ونسأل الله أن يكون هناك اهتمام في العهد القادم، خاصة وإننا لمسنا جوانب إيجابية في التقرير الأول للمجلس العسكري الذي أشار فيه إلى التزامه بالمواثيق الدولية ومعايير حقوق الإنسان، وهذا سوف ينعكس على أداء المفوضية المبني على التزامات السودان في المواثيق الدولية.