رأي

التعليم الحكومي والخاص.. وما بينهما

امل ابو القاسم

1
ربما الرسوم الدراسية المبالغ فيها هذا العام بالتزامن مع الضائقة المعيشية المتفاقمة، أو ربما اقتناع أرباب الأسر وأولياء أمور الطلاب بقيمة وأهمية المدارس الحكومية بعد عقود من الزمان هو عمر تطورها من أهلية إلى خاصة فارهة، ما دفع وقاد لحركة التنقلات الواسعة من الخاص للعام التي تشهدها وزارة التربية والتعليم العام بعدد من المحليات هذا العام ما شكل ضغطاً على المدارس الحكومية وشكل عبئاً على مكاتب التعليم.

والمتابع لتاريخ المدارس الخاصة أنها ابتكرت لحل مشكلة الطلاب الراسبين وضعيفي المستوى، وكانت تسمى بالمدارس الأهلية في حقبة ما، وهي محدودة جداً، بينما كانت المدارس الحكومية وقتها بعيدة المنال و(ليها شنة ورنة) هذا قبيل أن تنعكس المسألة بعد تمدد المدارس التي أسميت بالخاصة، وجذبت البساط من الحكومية ولمع نجمها في سماء العملية التعليمية وتدريجياً تحولت أهدافها وملامحها ونشاطها فبدت بثوب (جديد لنج).
وبعد أن كانت لحل مشكلة الفاشلين (بقدرة قادر) تنكرت لهم ولم تسمح أو تترك لهم موطئ قدم بين ظهرانيها حتى لا يشوهوا سمعتها الأكاديمية، وبالتالي يؤثرون على تسويقها بين حليفاتها من المدارس الأخرى، التي لم تتوان بإغراء الطلاب المبرزين وجذبهم إليها كيما يبيضوا وجهها، كذلك تحولت لسوق رائج وجبايات ما أنزل الله بها من سلطان، هذا قبيل أن تنتفض الحكومية من سباتها ووهدتها وتعود لتسحب منها البساط تلقائياً.
الآن ولعدد من السنوات الفائتة يتفوق التعليم الحكومي على الخاص ما حفز الأسر الواعية للنظر إليها مجدداً، فضلاً عن الرسوم الباهظة للمدارس والتراحيل في ظل ظروف اجتماعية بالغة التعقيد. ورغماً عن هذا فإن المنظومة التعليمية تعرضت للتجني والتخبط طيلة سنوات الحكومة الفائتة وكما أسلفنا نتمنى أن يستقيم ويعتدل وضعها في الفترة القادمة.
وعلى صعيد متصل، فإن ثمة هنات وغلطات ظلت تصاحب المناهج ومن بينها الأخطاء التي تتخلل بعض المناهج، لكن أن تبلغ هذه الأخطاء (333) خطأ في منهج الصف الخامس – كتاب اللغة العربية فقط، فهذه كارثة بكل المقاييس حتى وإن عولجت فإنها تكشف وتنم عن خطأ فادح. أما يكفي تغيير المناهج بعيد كل فترة بلا مسوغ مقبول وآخرها المناهج الأخيرة لاسيما منهج الصف الخامس الذي دعا لخضوع عدد من المعلمين للتدريب عليه ما يعني تعقيده أو غرابته وفوق كل ذلك صاحبت كتاب اللغة العربية أخطاء كثيرة جداً.
الآن وقد بدأ العام الدراسي، ترى كيف سيرتق هذا الشرخ؟ وما هي آلية المعالجة لأكثر المواد حساسية؟ سؤال أخير.. هل ما زالت المناهج تنقح وتخرج من لدن (بخت الرضا)؟ لأن الواقع لا ينبئ بذلك؟ وإن صح فمعنى ذلك إنها أصبحت محض أثر بعد عين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية