تقارير

من هو مبعوث الاتحاد الأفريقي للسودان البروفيسور حسن لبات

زفّ للشعب السوداني خبراً انتظروه لـ(84) يوماً

الخرطوم ـ المجهر
البروفيسور “محمد الحسن ولد لبات”، الذي عينه الاتحاد الأفريقي مبعوثاً خاصاً إلى السودان وكلفه بالتوسط بين فرقاء الأزمة السودانية، أصبح ما بين عشية وضحاها عملاً فوق قمة نار كونه الرجل الذي زف للسودانيين وللعالم أجمع الاتفاق الذي تم بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري فجر أمس معلناً توصل الطرفين لما ظل ينادي به شعب الثورة من مطالب.. وبمجرد انتهاء إعلانه عن الاتفاق اندلقت الجماهير للشارع وهي ترى أشواقها وأحلامها في إقامة حكومة مدنية ومحاسبة المتسببين في قتل المتظاهرين، تحول إلى واقع يزفه أفريقي يحمل اللون والسمات الأوربية لكنه يتكلم العربية بطلاقة.
ولم يكن غريباً أن يتكلم الأكاديمي والدبلوماسي “محمد الحسن ولد لبات” العربية بطلاقة فهو موريتاني، قادم من بلاد لها ذات سمات السودان بصحرائه ومزارعه، بل وحتى إطلالته على موانئ مائية.
حينما أصدر الاتحاد الأفريقي تكليفه لـ”ولد لبات” بعد أن ادلهم الخطب وعجزت النخب السودانية عن تبين معالم الطريق قال إن مهمة الرجل تنحصر “تقديم مساهمة أفريقية في الجهود التي تقوم بها الأطراف في الأزمة السودانية من أجل وضع أسس مرحلة انتقالية ديمقراطية عاجلة” وشدّد الاتحاد الأفريقي على أن المرحلة الانتقالية التي أعلن عنها المجلس العسكري يجب أن تكون قصيرة و”تنتهي بالعودة إلى النظام الديمقراطي والحكم المدني.
الدبلوماسي والسياسي الموريتاني المخضرم “ولد لبات” شعر منذ التكليف أن مهمته في الخرطوم ليست سهلة ولن تكون نزهة عند مقرن النيلين، فقد كانت الخيوط متشابكة وكل فريق يمسك طرف خيط ويمضي به في اتجاه عكس الآخر وسط احتقان كبير في الشارع السوداني واستقطاب حاد كاد يفتك بالشعب، لكنه لم يتهيّب المهمة رغم ذلك، بل أكد بكل إصرار إنه يمضي نحو الخرطوم للتوفيق بين الأطراف فقد قال في اتصال مع (العربية) بعد تكليفه بقيادة جهود الوساطة الأفريقية (أنا عائد إلى السودان عاجلاً في مساعي وساطة أفريقية – دولية لا تخلو من الصعوبة والتعقيد.. أرجو التوفيق من الله).
تؤكد مصادر أفريقية أن اختيار “ولد لبات” كمبعوث للأزمة في السودان يعكس الثقة التي يتمتع بها لدى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي “موسى فقي محمد” قد زار الخرطوم غداة الإطاحة بحكم “عمر البشير”، فضلاً عن امتلاكه خبرة كبيرة وتمرساً في الملفات الأفريقية حيث قاد سابقاً وساطات أفريقية ودولية في أزمات أفريقية معقدة.
البروفيسور “محمد الحسن ولد لبات” يعرف داخل أورقة الاتحاد الأفريقي بأنه عميد سابق لكلية العلوم القانونية والاقتصادية ورئيس سابق لجامعة نواكشوط وله خبرات قانونية كبيرة جعلت منه مدرساً لمواد القانون كأستاذ زائر في جامعات أفريقية وفرنسية وكان ضمن لجنة من كبار فقهاء القانون تولت صياغة أول دستور تعددي في موريتانيا 1991.
وبدأ الرجل رحلة مبكرة في الوسط السياسي في بلاده فقد عين ولد لبات في نهاية التسعينيات وزيراً لخارجية موريتانيا ثم سفيراً لها في دولة جنوب أفريقيا قبل أن ينتقل سفيراً لبلاده لدولة إثيوبيا، من ثم تقدم باستقالته عن وزارة خارجية بلاده والتحق بالعمل بالمنظمات الدولية وكان قد بدأ مساره في العمل الدولي بمنظمة الفرانكفونية في باريس مع رئيس السنغال السابق “عبده ضيوف” وعمل مستشاراً وخبيراً في مقر المنظمة الرئيسي ثم ممثلاً مقيماً لها في تشاد.
لاحقاً انتقل “ولد لبات” إلى الاتحاد الأفريقي وعين ممثلاً له في كيغالي عاصمة جمهورية أفريقيا الوسطى للمساعدة في إعادة الاستقرار والسلم الأهلي لبلد مزقته حرب أهلية طاحنة. وعاد إلى المقر الرئيسي للاتحاد الأفريقي منذ 2017 كمستشار استراتيجي لرئيس المفوضية الأفريقية وتولى ملفات حساسة وصعبة من بينها الأزمة السياسية في الكونغو.
ويعد “ولد لبات” من كبار الخبراء في الملفات الأفريقية ويحظى بشبكة علاقات واسعة واحترام كبير في القارة السمراء، وصلات قوية مع بعض قادة دولها وكذلك علاقات أكاديمية وسياسية مع النخب الفرنسية والإنجليزية المؤثرة في القرن الأفريقي، ما جعله ملماً بتفاصيل دقيقة في علاقات الدول الأفريقية ومكوناتها.
وشارك ولد لبات بصفته مستشاراً لرئيس المفوضية في المشاورات مع المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير وبدأت المفاوضات غير مباشرة قبل أن يتقدم هو ورفيقه المبعوث الإثيوبي السفير “محمود درير” بطلب للجانبين ليخوضا مفاوضات مباشرة… عندها قال في مؤتمر صحفي إن اللقاءات المباشرة تختصر كثيراً من التفاصيل الدقيقة، مفضلاً عدم الخوض في تفاصيل ما تم الاتفاق عليه بيد أن مقترحه قاد الطرفين ليلتقيا في أول جلسة مفاوضات عقب مقاطعة بعضهما بعضاً بعد فض المجلس العسكري لاعتصام القيادة العامة.
على مدى يومين قاد الرجل مفاوضات مباشرة استمرت جلساتها مجتمعة لأكثر من (14) ساعة نجح فيها في أن يعيد الثقة المفقودة بين الحرية والتغيير والمجلس العسكري ابتداء قبل أن ينجح في التوفيق بين الأطراف للخروج باتفاق انتظره الشعب السوداني منذ (84)يوماً بداية من (11) أبريل الماضي الذي كتبت فيه نهاية حقبة حكومة الإنقاذ.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية