رأي

قدر أخف من قدر

أمل ابو القاسم

 

ألقمت قوى الحرية والتغيير المجلس العسكري الانتقالي حجراً وهي تفاجئنا ظهر أمس بقبولها الجلوس المباشر معهم واستئناف التفاوض من حيث انتهوا مؤخراً على الست نقاط التي وضعتها على طاولة المجلس واستمساكها بها، وبهذا القرار الذي قالت به في مؤتمرها الصحفي، وكأنما ثابت إلى رشدها وخطت خطوة اعتبرها ولأول مرة في الطريق الصحيح، حيث أنها تصب في مصلحة المجتمع ككل وهو ينتظر هذا التنازل بعد رفضها للتفاوض اليومين الفائتين ما زرع البؤس واليأس في النفوس.
وبذا تكون (قحت) قد تبادلت الأدوار مع المجلس العسكري، ووضعت الكرة في ملعبه بحيث أنها سدت عليه باب الذرائع، وأي لكلكة منه بعد هذا قطعاً ستحسب عليه ويخيب من آمال الكثيرين الذين يعولون عليه. صحيح وأن المجلس من جانبه رحب بهذه المبادرة، لكنا نخشى أن يعود ويتلكأ في أي من الموضوعات أو النقاط بالرغم من أن تلكم التي حددتها قوى الحرية والتغيير لا غبار عليها وفي متناول التنفيذ لاسيما في نقطتي إعادة النت، والكشف عن قتلة الشهداء وتقديمهم لمحاكمة لأنهما ليستا بقاصرتين عليهم بل هما مطلب جماهيري.
ويقيني إنه وفي حال تجرد كل من الطرفين وتخلصا من تبعية كليهما لجهات خارجية بعينها، واعتمدتا على أن يكون الحل وطنياً خالصاً لحلت هذه المعضلة وبرضا تام من كافة الأطراف. لكن طالما إننا ننساق ونوجه وفق مصالح تلك الجهات في السودان، وطالما أن الأطراف غلبها التصرف إلا بإرادة وإملاءات فلن نخرج من هذا النفق. لا ننكر أنه لابد من صلات  في إطار العلاقات الخارجية والمصالح المشتركة. أما ما يمر به السودان الآن فينبغي أن يكون الحل داخلياً فقط.
نعم سيجلس الطرفان لاستكمال التفاوض، وقد رحب المجلس العسكري كما أسلفت وبشر، لكن رغم ذلك ما زالت عتبات التمترس تظهر واحدة تلو الأخرى عقب إزاحة كل عقبة، فقد بقى الخلاف على أهم نقطة وهي الفيصل في كل هذا الزخم، وأظنها ستكون العقبة الكؤود لحسم هذا النزاع كونها الغنيمة الأكبر وهي مسألة الرئاسة. وللصراحة فإن الخوف يتلبسنا من نتيجتها الحتمية لصالح أي من الطرفين خشية الأجندة الخارجية وأخريات، ولكن وكما يقال (قدر أخف من قدر) فقدر رئاسة العسكري أخف بكثير من رئاسة المدني، وأعتقد أن الخمس بالمجلس الرئاسي وكل الحكومة يعتبر حكومة مدنية كاملة الدسم ويمكنها مساندة الرئيس بالشورى والنصح.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية