لقد نفد صبرنا …
لو لم تذهب قوى الحرية والتغيير إلى التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي اليوم أو غداً – وقد سمعنا أنها رافضة – وظلت تكابر وتغامر .. وتفاخر بالحشود الشبابية التي خرجت يوم (الأحد) ، تهدد بالمزيد من المواكب ، وتتوعد بالمزيد من التصعيد ، فإن واجب المجلس العسكري الانتقالي أن يطرد جميع المبعوثين (الأجانب) فوراً ، ويوقف جميع السفراء العرب والعجم عن التدخل في شؤون البلاد الداخلية ، وينتفض عن حالة التردد والتكلس والحيرة التي ظل يعاني منها منذ فض اعتصام القيادة العامة .
لن نترك بلادنا نهباً لعُصبة من المتهورين والمندفعين والغائبين عن الوعي ، يريدون أن يقودوا بلادنا إلى المحرقة ، سياستهم المواكب ، وفكرتهم الحشود ، وثقافتهم سب العقيدة وإرسال الشتائم .. وتسفيه الكبار .
الثورة ليست مظاهرات مفتوحة على الرفض المطلق لكل حل ، الثورة ليست عنتريات على قنوات الخليج ، وتحدٍ لجيش السودان العظيم العزيز ، ووصمه بالخيانة وجره للهزيمة ، وإرغامه على الانكسار !
الوطنيون الشرفاء لا يهينون جيشهم ، ولا يسيئون لبلدهم بالإساءة لحُماته وحُراسه ورمز بسالته وكبريائه ، ثم يحتمون بالسفارة الأمريكية ومن داخلها يحدثوننا عن الحرية والعدالة والشرف !! في أي بلد بالعالم حقق الأمريكان العدالة ؟ في العراق .. ؟ في سوريا ؟ في الصومال ؟ في فيتنام ؟ في أفغانستان ؟!
السودان أعظم من أن يتحكم في مصيره هؤلاء الأغرار الصغار الذين تعلموا السياسة في أزمات شعبنا بعد ديسمبر 2018 ، فجاءوا من مهاجرهم الأوربية بشعورهم المسدولة والمبرومة ، ليعلموا شعبنا الصامت المفجوع سياسة العبث والصراخ !!
إما أن يرعوي هؤلاء الشيوعيون وأتباعهم في أحزاب (قحت) ، ويعودوا إلى طاولة التفاوض متنازلين عن صلفهم المُدمِّر ، وطمعهم المودِر ، ويعلموا أن في هذا البلد بشراً غيرهم ، لهم حقٌ في أرضه وحقٌ في حُكمه ، ولو كانوا معارضين لـ(قحت) ومخالفين لرؤيتها الإقصائية .. الضبابية الظلامية ، أو فليحكم الجيش بكل سطوته وجبروته ، بكل جُنده وسلاحه ، ويفرض الأمن على كل المدن والأرياف ، عاماً كاملاً .. لا عبث فيه ولا فوضى ، من أراد أن يتحدث فدونه الندوات في دور الأحزاب والميادين ولا حق له في الشارع العام ، من أراد أن يكتب فأمامه القنوات والإذاعات والصحف المفتوحة صفحاتها للجميع دون رقابة من جيش أو أمن . ولتستعد الأحزاب الجادة للانتخابات ، وتذهب أحزاب (الفكة) القديمة حليفة المؤتمر الوطني ، والجديدة عضوة (قحت) إلى مزبلة التاريخ ، لا مكان لها بيننا .
هذا أو نترك مشاغبي (قحت) يصدرون جداول الفوضى ويُخرِجون المواكب كل صباح ، يعطلون الحياة في بلادنا ، ويفقرونها كما لم تفقر من قبل ، وينزعون عنها رداء الطمأنينة الذي كانت تلتحف به عقوداً من الزمان ، فتدخل في نفق “ليبيا” المظلم ، وبركان “سوريا” .. وجحيم “اليمن” .
إما أن يترك هؤلاء الأغرار العناد ، أو فليخرج الوطنيون من تحت الأرض من كل حدب وصوب ، ويملأون سطحها ، ويعدلون مائلها ، فقد بلغت القلوب الحناجر ، ونفد صبرنا على ملة (اليسار) المستبدة .