تقرير – فاطمة عوض
ظلت ولايتا الجزيرة والخرطوم ولسنوات عديدة خارج منظومة الصندوق القومي للإمدادات الطبية بسبب تعنت ورفض المسؤولين في الولايتين الدخول تحت مظلة الصندوق القومي للإمدادات الطبية بالرغم من أن الصندوق يوفر الأدوية للولايات ويقوم بترحيلها مجاناً، إلا أن الولايتين فضلتا العمل بعيداً عن المركز وظلت الولايتان تعتمدان على شركات استيراد الدواء لتوفير الأدوية مباشرة لسوقها بعيداً عن الأدوية التي يوفرها الصندوق القومي، ورغم أن هناك فارق سعر ظل المواطن يتحمله بأمر مسؤولي الولايتين إلا أن الهاجس الأكبر كان نقص الدواء وعدم توفره بالسوق وقت الحاجة إليه .. ربما أخيراً جاء الوقت لتصحيح الأوضاع فبعد تدخل من المجلس العسكري وافقت ولاية الجزيرة على الانضمام، بينما تمضي المحاولات حثيثا لضم ولاية الخرطوم.
وبالرغم من التوجيهات الرئاسية التي صدرت بالخصوص ولكن ظلت الجزيرة والخرطوم عصية على تنفيذ التوجيهات ربما لقربهما من الرئيس السابق (البشير) ولكن المجلس العسكري حسم الصراعات بالدخول في الصندوق القومي للإمدادات الطبية بعد أن اقتنع بأهمية الدخول تحت مظلة الصندوق القومي للإمدادات الطبية، ويهدف إنشاء فروع الصندوق القومي للإمدادات الطبية بالولايات إلى زيادة الإتاحة الدوائية بتوصيل الدواء قرب أماكن سكن المواطنين واستدامة توفير الأدوية والمستلزمات الطبية…
تمترس يخالف القانون
عندما تمترست وزارة الصحة بولاية الخرطوم ووزيرها بروفيسور “مأمون حميدة” بموقفها الرافض لإنشاء فرع الصندوق بولاية الخرطوم وكانت تحاول أن تعمل في جزيرة منعزلة عن الجهة الرسمية بالبلاد التي يفترض أن توفر الدواء لكل السودان، وهي الإمدادات الطبية والخلاف بين الجهتين ليس وليد اللحظة فهو خلاف لم يسدل ستاره توجيهات رئاسة الجمهورية، فالإمدادات الطبية تتهم وزارة الصحة بولاية الخرطوم وزارة الصحة بولاية الجزيرة بأنهما تنتهكان القانون رغم انضوائهما تحت مظلة الإمدادات الطبية، وذلك برفضهما إنشاء فروع للإمدادات الطبية بولايتهما رغم صدور قرار رئاسي في هذا الشأن، ويرى الخبراء أن الخلافات تؤثر على تواصل إمداد الدواء وحدوث أزمة في بعض الولايات خاصة الخرطوم والجزيرة لخروجهما من النظام القومي لتوفير الدواء.
مدخل تسرب الدواء المغشوش
وكان وزير الصحة الاتحادي في الحكومة السابقة “بحر إدريس أبوقردة” أعلن بدء الترتيبات لإنفاذ قرارات رئيس الجمهورية بإدخال ولايتي الخرطوم والجزيرة في نظام الصندوق ليحل محل صندوق الدواء الدائري، وقال (لا مجال لمقاومة قرارات رئاسة الجمهورية) وتوقع أن يكون هناك تعاون من الولايتين لتنفيذ القرار ومعالجة مشكلة انسياب الأدوية لتصب في مصلحة المواطن.
وطمأن بتحسن الوضع الدوائي بعد تدخل رئاسة الجمهورية وسداد (35) مليون يورو من الديون من البنك المركزي، ودافع الوزير عن العلاج أقر بانعدام الرقابة في الولايات مما أسهم في تسرب الأدوية المغشوشة والمهربة، وقطع بأن الإمدادات الطبية وفرت (292) صنفاً من الأدوية الأساسية بسعر مخفض يصل إلى (53%) من سعر السوق تشمل السكري والضغط وبخاخات الأزمة، وأن الحكومة وفرت (124) مليون دولار لتوفير الأدوية، مؤكداً حدوث إصلاح وقفزة واستقرار إداري في الإمدادات الطبية.
محاولات لرأب الصدع
بعد سقوط نظام الرئيس “البشير” وانهيار أركانه في الولايات ووصول المجلس العسكري لكابينة القيادة وجد العديد من السياسات الخاطئة والأوضاع التي كانت تدار وفق أهواء الأشخاص وبما يجافي القانون، فكان من ضمنها رفض ولايتي الجزيرة والخرطوم للقانون الذي يلزم الولايات بأن توفر احتياجاتها الدوائية عبر الصندوق القومي للإمدادات الطبية واعتمادها على مصادر متعددة الأمر الذي يضيف رهقاً بارتفاع أسعار الدواء كون أن الإمدادات الطبية توحد تسعيرة الدواء في كل الولايات ولا تسعى للربح كونها جهة مملوكة للدولة، فكان أن قاد المجلس العسكري مفاوضات مع الولايتين أسفرت عن موافقة ولاية الجزيرة على الانضمام لمنظومة الولايات التي توفر حاجتها الدوائية عبر الصندوق القومي للإمدادات الطبية بينما لا تزال المفاوضات تمضي لانضمام ولاية الخرطوم.
انصياع بأمر المجلس العسكري
وأخيراً أعلن الصندوق القومي للإمدادات الطبية موافقة والي الجزيرة على دخول الصندوق في الولاية بعد ممانعة وتأخر خلال السنوات السابقة، ووقع المدير العام للصندوق القومي للإمدادات الطبية المكلف د. “عبد الرحمن الجعلي” والمدير العام لوزارة الصحة بالجزيرة د. “محمد عبد الله” على إنشاء فرع الصندوق بولاية الجزيرة لتحقيق الوفرة الدوائية والبيع بأسعار الصندوق.
وأكد مدير الإمدادات الطبية المكلف د. “عبد الرحمن الجعلي” في لقاء مفتوح مع العاملين ضرورة التفاني في العمل بروح الفريق الواحد تجويداً للأداء، لافتاً إلى أن الصندوق حقق إنجازات كبيرة خلال الفترة الماضية معلناً إجازة إنشاء (5) مخازن جديدة بالولايات وافتتاحها نهاية العام الحالي، وتعهد باستمرار تدريب العاملين.
وأكد الصندوق القومي للإمدادات الطبية بدء التجهيزات والترتيبات لتوصيل الأدوية لولاية الجزيرة عقب الاتفاق الذي تم بين والي ولاية الجزيرة المكلف والمدير المكلف بالإمدادات الطبية د.”عبد الرحمن الجعلي”.
أسبوعان لتوصيل الدواء
وكشف د. “عبد الرحمن الجعلي” مدير الصندوق القومي للإمدادات الطبية المكلف، عن تشكيل لجان للتسليم والتسلم بين الصندوق والجزيرة لتوصيل الأدوية خلال أسبوعين.
وقال “الجعلي” إن والي ولاية الجزيرة سارع لتوقيع الاتفاق لإدخال الإمداد الطبي بولاية الجزيرة ضمن الصندوق القومي للإمدادات الطبية، مؤكداً وجود فوائد كبيرة لولاية الجزيرة لحصولها على الدواء بسعر مناسب وتوفير الترحيل المجاني إضافة لتدريب العاملين في فرع الصندوق بالجزيرة فضلاً عن توحيد أسعار الأدوية .
وأكد “الجعلي” أنه سيتم تشديد الرقابة على أسعار الصندوق حتى يتحصل عليها المواطن بسهولة.
وأشار إلى أن توقيع الاتفاقية تم بحضور مدير الصندوق القومي للإمدادات الطبية د. “عبد الرحمن الجعلي” ومدير الصندوق القومي للتأمين الصحي د. “بشير الماحي” ومدير عام وزارة الصحة بولاية الجزيرة المكلف د. “محمد عبد الله”..