رأي

ثلاثون تذكاراً للحزن ، ثلاثون عنواناً للوجع

فنجان الصباح/

 أحمد عبد الوهاب

(30)من يونيو سرادق حزن بحجم أمة، وبطول ليل الهم في دولة.. (30) يونيو رحيل مشروع وموت فكرة وفوات فرصة.. ثلاثون تذكاراً من الوجع وثلاثون عنواناً للحزن واللوعة، الناس جروحهم تسعة .. وللسودان تسعون جرحاً ، قصة حلم جميل حولته الخيانة لكابوس طويل، قصة إنقاذ احتاجت هي نفسها بالاستبداد والفساد إلى إنقاذ. رواية حزينة أرادوا بها صناعة دولة الفكرة، فانتهت بالأنانية إلى حكم الفرد وتسلط الأسرة. ومن كل الأشواق بزمان التعددية والحريات، اكتفوا بتعدد الزوجات، ومن إشراقة فجر باسم ينشد له صاحب لسان العرب، إلى مجرد فرد بائس تغني له “إنصاف مدني” . أين عهد فقهاء الدستور وأمجاد الشهداء وصيف العبور، وكاريزما غندور، من نظام تعيس يعهد بالدبلوماسية لفكي حاضر؟… وبالاستراتيجية لشيخ غائب… وأين من مشروع للعلم والإيمان، مشروع دولة للإدمان؟ دولة يصلها الدواء بالشنطة، وتصلها المخدرات بالحاوية، وتترك الفاسدين لتحاصر الصحف في الزاوية، وترهق المنتجين بالجزية والمزارعين بالجباية… فاعتبروا يا أولي الألباب من عهد كان يتوضأ لصلاة الانعتاق. فصار يصلّي تلقاء البيت الأبيض، ومن قادة كانوا يطلبون الموت في الركن اليماني فصاروا يطلبون الحماية في البحر الأسود. وبدل أن يتدثر كبيرهم ببردة “محمد” راح يتبرك بفانيلة “ميسي”. وبدل أن يسعى لإدراك ليلة قدر في رمضان ، يلهث عبثاً للقاء “ترامب” في الرياض، والجلوس في حضرة “بوتين” في سوتشي… ثلاثون عاماً تمخضت عن سودان بلا جنوب، وبلد بلا بترول، ومصارف بلا نقود، وشباب بلا عمل وأجيال بلا أمل. ثلاثون عاماً أفرغوا فيها المؤسسات من الشورى، والبرلمانات من الديمقراطية ، والمجالس من النصيحة، والجزيرة من قطنها.. والزراعة من ليمونها والعدالة من مضمونها.. وانتهوا بالسودان بدون خطوط جوية ودون خط هيثرو ..وإلى جامعات بدون علم، ومدارس بلا إجلاس، ورياض بلا كراس، وسفارات مديونة، وملحقيات مرهونة.. وتأمل -يا رعاك الله- إلى زعيم يجفف المستشفى الجنوبي، ويبني مشفاه في جيبوتي.. ويترك العزة بالمجان في أمبدة وأبو حمامة ، ليشتري بالملايين قميصاً كوميدياً أحمر تحت مسمى منبر العزة والكرامة. من يعزيني في ثلاثين عاماً كنا نريد أن نزاحم فيها الثريا ورفرف الجوزاء ، أسلمونا فيها لديكتاتورية سرقت السودان واختطفت الإسلام. وأعادت تدوير الفشل والإخفاق ، و(طفشت) الإبداع، ووطنت مكانه النفاق، وشردت الكفاءات، وأضافت لجيل البطولات وجيل التضحيات جيل المعاشات.. فلا عجب بعد أن حرم رموز العهد البائد من نهاية سعيدة بالداخل، أن يتهدّدهم شبح تأبيدة في الخارج.. وبدل نيل الشهادة في ياي ومريال باي، هاهم على موعد مع “أوكامبو” في لاهاي.. حكم الجماعة لا تشقى البلاد به.. رغم الخلاف وحكم الفرد يشقيها .. ///////////النعيم////

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية