علاقة الصغار والمراهقين بالكبار.. ثمة تحفظات!!
لا يستطيع الإنسان أن يعيش بمعزل عن الآخرين لأنه كائن اجتماعي بالفطرة، ولكن العلاقات الإنسانية تخضع لشروط ومعايير محددة مثل التكافؤ العمري (السني)، إلى جانب التوافق الفكري. وبعض هذه العلاقات في المجتمع الحديث، خاصة بين المراهقين فوق (14) والأطفال دون (10) سنوات في المدارس والأحياء أو حتى تلك التي بين الراشدين والمراهقين، تصبح في الغالب محل شك وخوف وريبة لعدم وجود تجانس بين هذه الفئات.
(المجهر) استطلعت شرائح اجتماعية متنوعة حول هذا الموضوع ثم استعانت برأي أكاديمي متخصص وضعت الأمر كله على منضدته.. كل ذلك عبر هذا التقرير:
{ ظاهرة غير حميدة
يقول الأستاذ المخرج “ياسر محمد خير”: هي علاقة خطيرة جداً، لكن من الممكن أن تكون علاقة طيبة إذا تلقى الأبناء تربية جيدة في الأسرة ويمكن أن ينصح فيها الكبار الأصغر سناً. وأضاف: نحن في دول العالم الثالث أصبحنا منفتحين نحو كل العالم ومستهلكين لكل ما يقدمه (العالم الأول) من برامج التنشئة الاجتماعية، لذلك يستقبل أطفالنا يومياً ما لا يتوافق مع ثقافتنا وعاداتنا، وهذا بالضبط ما جعل كثيراً من إفرازات هذه العلاقة غير الحميدة تطفو إلى السطح، مثل التحرش الجنسي الذي ظهر وتفشى بصورة خطيرة في مجتمعنا، هذا إلى جانب أن الإنسان وبطبيعة تكوينه ميال في مراحله الأولى لاكتشاف نفسه.
من جهته، أكد الأستاذ “سامي إبراهيم” موظف وأب، أنه ينبغي أن تنحصر علاقات الأطفال مع أقرانهم، واستدرك: لكن ما أن يصلوا مرحلة المراهقة فلا ضير من علاقات مع من هم أكبر سناً حتى يكتسبوا خبرات ومهارات أكثر وأنا أحد هؤلاء، وأضاف إن الإنسان إذا ما وصل هذه المرحلة يجب أن يميز بين الصالح والطالح. لكن الأستاذ “الفاضل النور” مخرج، عدّ صداقة الأطفال في هذه المرحلة بمن يكبرونهم أو يصغرونهم سناً قد تكون مفروضة عليهم، وذلك لعدم اهتمام الوالدين ومتابعتهم لأبنائهم، ما يؤثر سلباً على الطفل، وقد يؤدي ذلك إلى فساد أخلاقي، وخلق (أسرة متفككة).
{ علاقات غير مجدية
وفي السياق شددت “ولاء سيد أحمد” موظفة، على عدم جدوى هكذا علاقات، موجهة انتقادات قاسية للأسر التي تترك أطفالها يقيمون صداقات بمن يكبرونهم، معللة ذلك بخطورة هذا النوع من العلاقة عليهم من نواحٍ عديدة أقصاها وأقساها هو (التحرش الجنسي). وأضافت: قد يعطي الكبير للمراهق معلومة لا يكون الأول مؤهلاً ومستعداً نفسياً لاستقبالها.
أما الأستاذ “خالد الضوء” فقال: الطفل في هذا الطور بالذات يكون في حاجة ماسة إلى وجود الأسرة، لذلك في حالة غيابها فإنه يُصادق من هم في فئة عمرية أكبر سناً منه. واستطرد: لذلك يجب على الأبوين مراقبته، وإذا كانت علاقته بمجموعة جيدة من الكبار فهو يكتسب خبرات لا بأس بها، ولكن إذا كانت الفئة المصاحبة له سيئة فسيؤدي ذلك إلى انحرافه.
تتحدث في هذه الناحية أستاذة “ابتهال عبد الله” وتقول إنها سلاح ذو حدين، تكون من ناحية إيجابية ومن ناحية أخرى سلبية، ويمكن أن تؤثر على المراهق سلباً أو إيجاباً.. وفي هذا الطور يحب الطفل مصاحبة الأكبر سناً ليبرز أنه (كبر) أو أصبح كبيراً في السن.. ولا يجب أن تمنعه بالقوة في هذا الجانب بالذات لأن (الممنوع مرغوب)، ويجب أن تعطيه المعرفة في هذا الجانب على جرعات منذ الصغر، وهذا الطور يمد الطفل بتغيرات سلوكية وهرمونية، فيجب أن تراعيه جيداً وتحافظ عليه. وهذه (الصُحبة) يمكن أن تعطيه الثقة في نفسه فيشعر كأنه أصبح مسؤولاً وهذا من واقع تجربتي.
وفي إفادته لـ(المجهر) قال “منذر عامر” وهو من شريحة المراهقين، أنه في الغالب يختار أصدقاءه من ذات فئته العمرية، ولكنه في بعض الأحيان يرافق بعض أصدقاء شقيقه الأكبر، وأضاف: هؤلاء كثيراً ما استفيد منهم واستمع إلى نصائحهم وإرشاداتهم. وكشف عن أن والدته تتدخل في اختيار بعض أصدقائه، وتدلي برأيها في البعض الآخر. أما “مكاوي نزار” من ذات الفئة العمرية فيقول إنه لا يرافق من هم أكبر سناً البتة، ولا يقيم معهم صداقات قوية، لكنه يتحدث إليهم بشكل عام.
{ تحت الرقابة
إلى ذلك شدّدت الباحثة في علم الاجتماع الأستاذة “ثريا إبراهيم” على أنه يجب أن تتم الصداقة بين من هم في نفس العمر وبمعرفة الأهل، لأن الاهتمامات بين نفس الفئة العمرية (واحدة)، أما علاقة المراهقين أو الأطفال مع من هم أكبر سناً فينبغي أن تتم بشكل واضح وعام أمام الأهل، وإذا كانت هناك نشاطات تتم بنفس الفئة العمرية على الأسرة أن تكون على دارية بكل أنشطة الطفل داخل وخارج المنزل، ويجب أن يتم توجيه الابن ومراقبته بغير إزعاج له لأنه حساس في هذه السن، وهنالك قيم يلزم إيجادها في الأم والأب وغرسها في الأبناء حتى يخرجوا إلى المجتمع أصحاب رأي ومسؤولية.