رأي

ملاحظات على الطريق بين مصر والسودان

امل ابو القاسم

أجبرتني وأسرتي تذاكر الطيران باهظة الثمن من وإلى جمهورية مصر العربية، حيث تجاوز سعر التذكرة الواحدة إيابا الأربعة آلاف جنيه مصري، فيممنا وآلاف السودانيين الذين يتخذون من الجارة منتجعاً للرحلات وكذا يحتمون بها من شر حرور نهار رمضان، مضافاً إليه قطوعات الكهرباء، فضلاً عن العلاج وغيره، الطريق البري، والبري البحري أي الباخرة من أسوان عوضاً عن رحلة واحدة بالبص.

وكيما نتمتع برحلة مريحة إلى حد، فقد حجزنا بالدرجة الأولى على كافة وسائل النقل التي أقلتنا فجاءت ممتعة حقاً. وطيلة هذه الرحلة أنا لا أنفك أراقب الطريق وقد استوقفتني عدد من الإشراقات في عدد من المجالات ومن أسف نفتقدها نحن كبلد ربما تفوق على الجارة مصر إن وظف ما لاحظته توظيفاً جيداً لأن كل الإمكانيات متاحة عدا إمكانية الاستغلال السليم مهما كلف الأمر.

فالطريق بين القاهرة وأسوان يجبرك على مراقبته ومتابعة ما يمرق من بين ناظريك سواء تلكم المدن والمناطق التي طالعناها على كتاب (جغرافيا حوض النيل) أو المزارع الممتدة على طول الطريق الذي يخلو البتة من ذرة تراب، فإما مباني المدن والقرى أو الاخضرار المترامي على مد البصر ، ولعل الأخير ما جعل العديد من مدن الطريق يلمع اسمها في الجغرافيا وقد تفردت كل منها بمنتجات زراعية بعينها.

كان القطار ومنذ انطلاقته من ميدان رمسيس في رحلة امتدت لأكثر من اثنتي عشرة ساعة يسير محازياً تماماً لترعة خرجت من لدن السد العالي وأخذت تشق طريقها في قلب الجمهورية حتى مدينة الإسكندرية، ولكم أن تتصوروا مدى الاستفادة منها زراعياً وحصد الخضروات والفواكه والبقول من خيراتها. فيما انخرط عدد مقدر من الفلاحين بها حتى النساء عكفن عليها زراعةً وحصاداً وتسويقاً خلال أسواق خاصة بهن.

أكلتني الحسرة وأنا أتأمل ذلكم الاستثمار المجزي فهذا الشعب وحكومته استطاعا تسخير كل الإمكانيات المتاحة بما يصب في مصلحة الاقتصاد ومن الزراعة فقط صدرت مصر حوالي خمسة ملايين طن من الفواكه والخضروات لدول العالم، بينما نحن في السودان ورغم امتلاكنا لأراضي شاسعة وخصبة نتميز بها بين دول إفريقيا، ورغم أننا نرضع من ذات النيل الذي يجمع بيننا، ورغم أننا نتشاطر ذات السد إلا أن أراضينا تلك تعاني البوار، والجدب والتصحر ديدن طرقنا القومية التي تربط المدن والولايات.

سألت عن ماهية عدم اجتهادنا في شق ترع سواء من سد مروي أو السد العالي، أعلم أن بالأول كانت هنالك مقترحات ودراسة لم تر النور لجملة أسباب عقيمة، وبالنسبة للثاني فقد جاءني الرد بأن ثمة محاولة شرعت فيها الحكومة السابقة لكنها عادت ورضخت لممانعة مصر. (معقول يا جماعة؟؟!!). وعليه نجدد أملنا في حكومة التكنوقراط القادمة فخيرات بلادنا تحتاج لعقول تدير ليس المسألة بل كيفية التمويل.
نواصل

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية