في كل يوم يمر يزداد الوضع سوءاً وينفرط عقد الأمن أكثر من ذي قبل، يحاول هؤلاء ولا أجزم بوصفهم أو نسبهم لجهة بعينها ليس أخذ الحق بيد الغاب فقط بل تمشية كافة الأمور وفق هواهم وبقانونهم وشرعهم وسيادتهم التي خولوها لأنفسهم بلا رقيب. ومن صور الفوضى ترجمة الإنسانية باللا إنسانية وأعني مثلاً أن يعمل هؤلاء على إيقاف سيارات الملاكي عنوة وحشر المواطنين الذين تكدسوا في المحطات عنوة شاء صاحب السيارة أم أبى، ليس ذلك فحسب بل تغيير وجهته بحسب وجهة المفروضين عليه والويل والثبور له أن نطق بـ(بغم) عندها فإن مصيره ومصير سيارته الضرب والتكسير. حسناً فلنقل إنهم يفعلون ذلك من باب التكافل ومن باب كونهم أصبحوا أوصياء على العالمين ، ألا يتساءل هؤلاء من المتسبب في هذه المشكلة العويصة، أي مشكلة المواصلات فإن لم يكونوا سبباً مباشراً فإنهم بطريقة أو بأخرى تسببوا في القضية. وهنا نتساءل كذلك من الذي يعمل في الخفاء على تفاقم الأزمات لابد أن هنالك جهة ما مستفيدة من هذا التصعيد وتأزم الحالة الاقتصادية التي ساءت عن ذي قبل، ربما هدفها إفشال تداعيات التغيير التي بشرت منذ الوهلة الأولى ببشريات طيبة على كافة الأصعدة قبيل أن تعود القهقرى وتنتكس بالسالب، وهذه الجهة قطعاً ليست من بيوتات الثورة الكثيرة، وأعني أحزابها بقدر ما هي جهة مضادة تماماً لا نستبعد أن تكون من فلول النظام القديم، إذ ليس الأمر عليهم بجديد فقد فعلوها في الحكومات السابقة بذات النهج، وفي الوقت نفسه لا نستبعد جهات أخرى ربما ذات صلة أو لديها أهداف وتكنيك بعينه ترمي له من خلال افتعال الأزمة هذي.
قلت إن هؤلاء الذين فرضوا أنفسهم كمنظمين وأباحوا لأنفسهم شرعية تقلد زمام الأمور وتقمصوا دور رجال الشرطة وشرطة المرور وخلافه. سعى غيرهم من الثوار الحقيقيين إلى محاولة تغيير الحال إلى نعمة بينما عمد غيرهم إلى تحويله إلى نغمة أصابت المواطن في مقتل فافتقد الأمان وتأزم الاقتصاد فلا جازولين ولا بنزين وأسعار السلع تستعر يوماً عن يوم، أيضا لا كهرباء ولا سيولة وعلى ذكر الأخيرة أين أودعت تلكم المبالغ التي قيل بضبطها في منزل “البشير” وغيره ثم أين الودائع التي أعلن عنها من دولتي الإمارات والمملكة العربية السعودية؟ وأين المطابع التي قال الدعم السريع باستيرادها لطباعة العملة وأين وأين؟ كل تلكم الوعود والبشريات والتي بالإعلان عنها فقط تهاوى الدولار إلى أسفل سافلين قبيل أن يتصاعد مجدداً بعد أن حضر ولم يجد شيئاً يدعم الجنيه السوداني.
الوضع برمته وعلى كافة الأصعدة والجهات الرسمية والشعبية مربوك وغائم وليس هنالك ما يبشر بانجلاء الأزمة، وعندما قال المعتصمون إنهم (صابنها) حتى عيد الأضحى المبارك فلم يكذبوا وربما حتى الأضحى من العام القادم وإن كان شرطهم لفك الاعتصام هو تلبية شروطهم ووو… فأظنهم سيخلدون أمام القيادة لأن ما يقول به واقع مجموعة قوى الحرية والتغيير وبقية الأحزاب والحركات المسلحة وخلافها من المتطلعين للسلطة يشي بأن لا اتفاق البتة. وإن لم يتفقوا على وثيقة أو أي مقترحات فإلى ماذا سينظر المجلس العسكري الذي يتلبسه الغموض هو الآخر.
كل ما نستطيع قوله هو إن هذه الثورة التي أتت من أجل المواطن وانتشاله مما كان عليه هي نفسها من دفعت به إلى جب آسن وأعمق مما كان عليه مضافاً إليه افتقاد الأمن، فقوموا يا هؤلاء إلى نصرة أهلكم ومواطنيكم بالفعل القانوني والموضوعي لا بالاعتصام المدعوم مالياً لأشياء في نفس بني يعقوب. بربكم أفيقوا يا هؤلاء.