شهادتي لله

سيدي الإمام “الصادق” .. هذا الحديث لا يشبهك

خالف الإمام “الصادق المهدي” زعيم حزب الأمة القومي موقفه السابق من المحكمة الجنائية الدولية في ما يتعلق بقضية اتهامها لرئيس جمهورية السودان السابق المشير “عمر البشير” ، فقال لصحيفة (الشرق الأوسط) السعودية أمس إنه مع الرأي القائل بتسليم “البشير” للمحكمة الجنائية الدولية !! وأضاف “المهدي” : ( كانت هناك صعوبة في تسليم “البشير” وهو في السلطة لأن ذلك يؤدي لعدم استقرار ، ولكن الآن ما عاد هناك من سبب ، أنا مع الرأي الذي ينادي بتسليمه) . وأشار في حديثه إلى خيارين آخرين هما المحاكمة داخل السودان ، وتجميد الملف بواسطة مجلس الأمن .
تعجبتُ لهذا الموقف الصادر من السيد “الصادق المهدي” ، فهل تبدل موقفه بسبب سقوط نظام “البشير” و(التور إن وقع تكتر سكاكينو) ؟!
في شهر (يونيو) من العام الماضي ، زرتُ الإمام “الصادق المهدي” في سكنه بمدينة نصر بالقاهرة ، مع مجموعة من الأصدقاء ، وأدرتُ معه حواراً سياسياً ، وليس صحفياً ، حول قضية المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس السابق “عمر البشير” ، بالمناسبة .. أنا لا أتهافت مع المتهافتين هذه الأيام في صحافتنا على الثورة فأكتب الرئيس(المخلوع) ، فمثل ما ظللنا ندافع عن الإمام “الصادق” وكريمته “مريم” في هذه الصحيفة في مواجهة دعاوى جهاز الأمن ضدهما بنيابة أمن الدولة لتوقيفهما عند عودتهما للبلاد ، فعادا دون أن يمسهما أحد ، فإننا لا نبصق على تاريخنا ، ولا نُسقِط توقيرنا لرئيس دولتنا غض النظر عن المواقف السياسية معه أو ضده ، نحن لن نتنكر له بالتمسح على سلطة المتاريس .. أبداً . انتقدناه كثيراً وهو حاكم والأرشيف موجود ، ونحفظ له حقه الأدبي الواجب وهو حبيس ، معزول عن السلطة .
أعود لموضوعنا ، فقد كان رأي السيد “الصادق” في تلك الجلسة إيجابياً ومرناً لصالح “البشير” ، فاستشهد لي ورددها لغيري عدة مرات ، أنه رفض توقيف “البشير” في جنوب أفريقيا عندما حاولت إحدى المحاكم هناك تحرير مذكرة اعتقال له وهو يشارك في قمة أفريقية ، وقد رفضت الحكومة الجنوب أفريقية تسليم الرئيس ، وعاد سالماً غانماً لوطنه .
قال لي السيد “الصادق” وقد كان حضوراً السفير المخضرم الدكتور “علي يوسف” إن رئيس مجلس الأمن في دورة سابقة ذكر له أن موضوع اتهام “البشير” يمكن حله داخلياً إذا اتفقت القوى السياسية في السودان على ذلك .
إذن .. لماذا يريد الإمام “الصادق” أن يمسح كل ذلك القول الجميل النبيل ، ويلغي كل ذلك التضامن العظيم من غالبية الدول الأفريقية ضد المحكمة الجنائية الدولية ، مؤازرة ونصرةً لرئيس جمهورية السودان .
بالأمس جمعتني جلسة نقاش حول أوضاع السودان مع الصديق الصحفي المصري “خالد محمد علي” ، فكان تعليقه على موقف السيد “الصادق” الأخير المنادي بتسليم “البشير” : ( ياخ سيبك من السياسة والقانون .. دي مش أخلاق السودانيين .. إنهم يسلموا رئيسهم) !!
وإذا كان هذا الصحافي العربي الأصيل يعرف جيداً أن أخلاق السودانيين .. لم ولن .. تسمح بتسليم رئيس سوداني لمحكمة أجنبية سياسية ، مُهدَدة بالعقوبات من الإدارة الأمريكية ، فكيف يسمح الإمام لنفسه أن يقول ما قال ، وعلى صفحات صحيفة أجنبية !!
موقف القوات المسلحة السودانية العزيزة حارسة حمى البلاد هو ما قاله الرجل الشجاع الفريق أول ركن “عمر زين العابدين” في أول يوم للانقلاب : (لن نُسلِّمه في فترة حكم المجلس العسكري، بل لن نسلم أي سوداني حتى من حركات التمرد، فلتسلِّمه الحكومة التي تلينا) .
ونحن نقول للسيد “الصادق” .. الشعب السوداني الذي نعرفه .. لن يسمح بإهانة كرامة أي ابن من أبنائه خارج بلاده ، دعك من رئيس الجمهورية .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية