وطن شاعر
حينما ابتدر الأستاذ محي الدين الفاتح حديثه بأن التلفزيون القومي كان الأول عربياً والثاني أفريقياً بعد التلفزيون الكيني بدت الدهشة والفخر يلمعان في عيون الحضور حتى كاد بريق هذا اللمعان يغطي مسرح قاعة الصداقة في أمسية تكريم الشعراء في احتفالات التلفزيون القومي بيوبيله الذهبي.
أمسية من أروع أمسيات هذه الخمسينية جاءت تحمل عنوان وطن شاعر كانت، والروعة تمشي على قدمين حينما امتزج جيل محمد بشير عتيق وصلاح أحمد إبراهيم وعمر البنا ومحي الدين فارس وعبد الرحمن الريح وغيرهم بجيل الأساتذة الصادق الياس ومحي الدين الفاتح وأزهري محمد علي والسر عثمان الطيب وإسماعيل الأعيسر ومختار دفع الله وجيل صلاح الزبير “ود مسيخ”” وعبد الله ود إدريس وأحمد البلال فضل المولى وعمر سعد وشخصي الضعيف، تخيلوا معي كيف يكون طعم هذا المزيج الذي اجتمعت فيه الأجيال الراحلة من مكتبة التلفزيون بأجيال لا يزال عطاؤها ممتداً كما النيل. الحضور كان أغلبه من المهتمين بشأن الشعر أو الشعراء، والجو كان أشبه بسوق عكاظ في التفاتة رائعة من التلفزيون القومي للشعراء ومسيرتهم مع هذه القناة منذ بداية تأسيسها وحتى هذا العام الذي استحقت فيه يوبيلاً ذهبياً ليس للعمر فقط وإنّما للعطاء.
أما الأمسية فبناءً على اللافتات التي ضجت بها مساحات القاعة فكانت برعاية من شركة سوداني التي كان عليها تكريم هذا الحشد من الشعراء ولكن ما فاجأني وفاجأ الحضور إصرار ممثل سوداني على عدم تكريم الشعراء بحجة أنّ معظم الجمهور انصرف، فهل كانت إدارة سوداني على علم بهذا التصرّف أم أنّه من وحي ممثلهم لأنّ ما حدث حينها خطأ في حق الشعراء.
وسوداني التي حملت عبء الكثير من البرامج الاجتماعية وساهمت في نهضة هذا الوطن الشاعر ليس من دأبها أن تملأ قلباً هي أفرغته من الحزن حزناً.
لذا اعتذاري لكل من جعل حضوري ضوءاً في حلك هذه الليالي، واحترامي لكل شاعر لوّن لوحة الحياة الباهتة بجميل نظمه خاصة في تلكم الليلة.
وللذين فاتهم شرف الحضور انتظرونا على شاشتي القومي والنيل الأزرق.