أخبار

مطلوبات الحوار!!

قيل حينما اندلعت التظاهرات الطلابية في الخرطوم وبحري وأم درمان في عهد مايو الظافرة.. وكان الرئيس “جعفر نميري” في زهوه وشبابه.. سأل الناظر الراحل “بابو نمر” زعيم المسيرية عن كردفان وأهلها.. وهنا نظر “بابو” لوجه الرئيس وقال (أمسك حلالك الثلاثة) بقية البلاد بخير!! والحلال مفردة حلة أي قرية والحلال الثلاثة هي أم درمان وبحري والخرطوم.. من هنا تهب الثورات وتهدد عروش الحكام.. ويخرج المغامرون الضباط من ثكناتهم لاستلام السلطة.. ولكن في عهد الإنقاذ تغيرت معادلات الحكم.. وصارت الولايات أقوى من المركز.. وتتلألأ نجوم السياسة في فضاء الأقاليم.. قبل أن تعود للمركز.. وتجسد حالتا صعود “أيلا” و”هارون” إلى هرم القيادة في الخرطوم وإسناد مهام كبيرة لهما لدرء خطر (الحلال) الثلاثة على السلطة تطوراً مهماً في بلادنا التي يعتزم الرئيس قيادة حوار وطني جديد يفضي لشراكة واسعة في حكم البلاد.. تنقلها من الراهن بكل إخفاقاته لمستقبل مشرق للأجيال القادمة بعد إخفاق الأجيال الحالية في رسم طريق الخلاص.
والحوار الذي ينتظره الجميع له مطلوبات إجرائية ومطلوبات إستراتيجية.. أولى المطلوبات الإجرائية تهيئة مناخ الحوار السياسي بردم الحفر.. وتسوية دروب التسوية بحزمة قرارات تعيد الثقة بين الرئيس والقوى السياسية التي تنظر في السابق للرئيس والقوى السياسية التي تنظر في السابق للرئيس برجل الدولة الذي تقيد حركته سلاسل الحزب.. وتنظر إليه اليوم بعين الشك في صدق ما أعلنه في ليلة (الجمعة 22 فبراير) الماضي.. أولى القرارات فك قيد المعتقلين.. وإطلاق سراحهم جملة واحدة بغض النظر عن الأخطاء التي اقترفوها.. وفي مقدمة المعتقلين بالطبع قادة الأحزاب صغيرها وكبيرها.. الناشطين وغير الناشطين.. وإطلاق سراح الصحافي المعتقل المهندس “عثمان ميرغني” ورفع القيود المفروضة على بعض الصحف.. وإصدار قرار من الرئيس بالسماح لأي صحافي ممارسة حقه الدستوري في التعبير وحرية الرأي وتجديد الهواء في غرف السياسة السودانية، والاعتراف بالكتل السياسية التي تشكلت وهي قوى نداء السودان.. وقوى الإجماع الوطني والدخول في تفاوض مباشر معها.. حول قضايا التحول الديمقراطي وتحقيق السلام والدستور وقانون الانتخابات والقانون الجنائي.. والحوار مع المؤتمر الوطني نفسه بعد أن بات حزباً مثل سائر الأحزاب يأكل بيده ويتصرف وفق مقتضيات الحال.. ولا يملك حقاً خاصاً ولا رعاية من الدولة.. والمؤتمر الوطني فرص دخوله نادى المستقبل مرتبطة بحسمه لقضايا كبيرة كالموقف من الديمقراطية وتبادل السلطة سلماً وحقوق الإنسان.. وإعلان الرئيس نأيه بنفسه عن حاكورة المؤتمر الوطني وتفويض صلاحياته لنائبه “أحمد هارون” خطوة ينبغي النظر إليها بإيجابية.. ولكن في ذات الوقت أمام المعارضة مسؤوليات ومطلوبات مثلما لـ”البشير”.. أولها.. الترحيب بالمناخ الجديد.. وطي صفحة الأمس والتوقف عن التهديد بالعنف والإلغاء والإسقاط بالقوة.. والكف عن التظاهرات التي لا تسقط نظاماً ولا تكسب الوطن عافية.. والاستعداد النفسي لقبول مطلوبات المرحلة (الانتقالية) التي بدأت فعلياً.. وتعتبر المشاركة في الحكومة القادمة فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، ولكن تبادل الاعتراف والصفح والعفو فرض عين على الجميع.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية