الديوان

الظواهر الدخيلة خطر يهدد عادات الزواج ويشوِّه طقوس ليالي الفرح السوداني

الخرطوم – مريم حسن موسى
{ العديد من مواقع التواصل الاجتماعي تداولت مقاطع فيديو ظهرت خلاله صور حفل زواج سوداني ظهرت فيه العروس بأكثر من (لبسة)، وهذا أمر ليس بجديد، ولكن اللافت أن الأزياء التي أطلت بها العروس تم تصميمها على طريقة تصميم أزياء راقصات مهرجان (ريودي جانيرو)، وهو مهرجان عالمي يتم تنظيمه في البرازيل خاص بالرقصات الشعبية الاستعراضية بشوارع المدينة يستمر الاحتفال لمدة أربعة أيام يهدف إلى عكس التراث والتنوع الثقافي لدولة البرازيل ويشارك فيه الجميع يرقص برقصة السامبا الشهيرة.
{ هذا المقطع بغرابته جعلنا نطرح ونناقش موضوع الظواهر الدخيلة على المجتمع، التي باتت تظهر بصورة مزعجة في طقوس المناسبات الاجتماعية خاصة الأفراح (الأعراس) السودانية مما أدى إلى طمس الثقافات والعادات والتقاليد السودانية التي توارثناها من الأجداد على مر السنين، ومن الظواهر الغريبة على مجتمعنا وكادت أن تصبح تقليداً ثابتاً في حفلات الأفراح مراسم استقبال العرسان على طريقة (الشباين)، وهي تقاليد مراسمية انتقلت إلينا طقوس من دول وطوائف مسيحية ويهودية ومن عاداتهم أن يقوم العروسان باختيار أقرب المقربين من الأسرة والأصدقاء لتشكيل موكب الشباين الذي يستقبلهم ودائماً ما يأتي عددهم متساوياً من الجنسين، وهذه الظاهرة الدخيلة غطت على ما يعرف عندنا بوزير العريس ووزيرة العروس.

{ (العرس) أصبح غريباً

{ في مداخلتها حول الموضوع ذكرت السيدة “حواء آدم” أن مظاهر الزواج التقليدي بدأت تتلاشى منذ فترة ليست بالقصيرة، فأصبحت العروس لا تهتم بتقليد (حبسها) قبل الزفاف بفترة طويلة حتى تظهر بإطلالة جميلة، كان الحبس في الغالب يستمر لمدة شهرين لا تخرج فيها العروس خارج المنزل، ولكن الآن نجد العروس وحتى اقتراب مواعيد زواجها تخرج من المنزل ولا تكترث لنصائح الأمهات والخالات والحبوبات، أيضاً اختفت عادة (مشاط العروس) و(قطع الرحط) وتشوهت بشكل كبير في طقوس حفل حنة العروس و(دق الريحة) و(نقر الدلوكة) غاب رقيص العروس وحلت محله الرقصة الأجنبية المعروفة بـ(الأسلو) للعروسين ودخلت (الزفة الدمياطية)، (الحنة الحبشية)، (الحنة الهندية)، (الحنة النيجيرية) وهذا قليل من كثير جعل الفرح السوداني (العرس) أصبح غريباً عن أهل السودان.
{ الفضائيات والشوسال ميديا أبرز الأسباب
{ وفي إفادته لـ(المجهر) أكد الباحث الاجتماعي “علي صديق” أن المجتمع بطبعه متحرك ومتغير والتغيير لابد منه، والتغيير الاجتماعي يرافقه تغيير في السلوك، ولذلك تغيرت الكثير من تفاصيل وطقوس (العرس السوداني) وتقريباً اختفت تماماً مثل عادة (قطع الرحط)، (ربط الودعة)، (عادة الصبحية) والمبيت في بيت العرس لعدة أيام ابتداءً من الأيام التي تسبق ليلة الحنة وكانت هناك سيرة العريس على الأقدام وغيرها من التقاليد التي عرف بها حفل الزواج السوداني التقليدي.
{ وعن أسباب تزايد العادات الدخيلة في الآونة الأخيرة عزا ذلك إلى أن السودانيين في السابق كانوا يهاجرون إلى دول محددة أبرزها دول الخليج، أما الآن توزعوا وانتشروا بكثافة في كل دول العالم، وهذا بدوره أثر فيهم وللأسف الشديد مع عودتهم للبلاد يحملون معهم عادات وتقاليد تلك الدول ويطبقونها في المجتمع السوداني، هذا بالإضافة إلى انتشار الفضائيات والشوسال ميديا التي ساهمت في نقل الثقافات والتقاليد عبر المسلسلات التركية والهندية والمكسيكية واكتساب الشباب للظواهر والتقاليد من خلال المتابعة تأتي المحاكاة والتقليد الأعمى، ويظهر ذلك في تقليد البنات لبعضهن البعض في طريقة اللبس والتقليعات، ولأزياء العروس لدرجة فتح محلات متخصصة تعرض فيها الفساتين الهندية والحبشية والغجرية وغيرها من الأزياء والأشياء الدخيلة على المجتمع.
{ وفي ختام حديثه أكد الباحث “علي صديق” إلى ضرورة رفع الوعي الاجتماعي في أوساط الشباب من الجنسين لأجل العودة للتمسك بعاداتنا وتقاليدنا السمحة والانتباه للقيم الأصيلة التي اندثرت.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية