أخبار

خيارات محدودة

هل كان أمام الرئيس “عمر البشير” خيارات غير اللجوء لتشكيل حكومة كفاءات ومقدرات وأيلولة السلطة في الولايات للعسكريين مؤقتاً ريثما تثمر خطى جمع الصف ووحدة الكلمة والتوافق سياسياً مع الآخرين لإنقاذ الأوضاع المنحدرة إلى أسفل؟ عندما (تدلهم) الأمور تلجأ البلاد إلى حصنها، وحماتها وحراس أمنها من الخوف.. (المؤسسة العسكرية) التي وقفت في أكتوبر 1964م، إلى جانب الشعب الذي خرج مناهضاً لسياسات العسكريين حينذاك.. ووقفت المؤسسة العسكرية سنداً لثورة الشعب في أبريل 1985م، فأطاحت بـ”جعفر نميري” رغم ما قدمه للجيش وما قدمه للوطن.. وحينما اندلعت احتجاجات التاسع عشر من ديسمبر العام الماضي ترقبت الأحزاب صوت صرير الدبابات يخرج من القيادة العامة لينهي حكم الرئيس “عمر البشير” ولكن المفاجأة وقوف القوات المسلحة وبكل تشكيلاتها مع الشرعية وإسناد الرئيس “عمر البشير” الذي قرأ في الأفق السياسي مآلات الصراع الراهن جيداً ولاذ بالمؤسسة العسكرية كضامن للاستقرار وحفظ للمؤتمر الوطني دوره.. وشكل حكومة كفاءات وطنية من شأنها العبور بالبلاد لمرحلة جديدة.. ودقق الرئيس في كفاءة ضباطه في المؤسسات الثلاث الجيش والشرطة والأمن.. والدعم السريع واختار منهم من يأنس فيهم الكفاءة والقدرة على العبور بالبلاد من حالة الاحتقان الراهن إلى فضاء توافق سياسي لقوى سياسية عريضة.. وضباط المؤسسات القومية الثلاث متفق على بعدهم عن التحيزات الحزبية حتى لو كانت لهم انتماءات فكرية، لكنهم الآن هم حكام عسكريون قوميون مثل أعضاء المجلس العسكري الانتقالي الذي كان يرأسه “سوار الذهب”.. وبعد انقضاء مدة التكليف اختار بعض أعضاء ذلك المجلس الانضمام للأحزاب التي نشطت في الساحة، ذهب “تاج الدين عبد الله فضل” للجبهة الإسلامية، و”حمادة عبد العظيم حمادة” إلى الحزب الاتحادي الديمقراطي، و”فضل الله برمة ناصر” لحزب الأمة.. وقادة الفترة الحالية من العسكريين بعد انقضاء تكليفهم قد يعود بعضهم إلى المؤسسة العسكرية ويذهب آخرون لحزب المؤتمر الوطني أو الشعبي أو الاتحادي الديمقراطي أو يحتفظون بقوميتهم التي جاءت بهم لإنجاز مهام الانتقال الحالية.
إن وجود حكام ولايات عسكريين من مصلحة القوى السياسية.. ويضمن استقلالية الأجهزة التي تحمي الديمقراطية وصناديق الاقتراع.. ولن يضحي ضابط عظيم في القوات المسلحة من “يحيى محمد خير” أو الفريق “أحمد خميس بخيت” بذمته ويقف من حزب على حساب الآخر حتى لو كان فكرياً أقرب إليه من بقية الأحزاب.. ومرحلة الانتقال الحالية يجب النظر إليها كمرحلة اقتضتها مناخات السياسة التي أفرزتها حقبة (تقعد بس.. وتسقط بس) التي عبرها الرئيس “البشير” بقفزة مفاجئة في ليلة الثاني والعشرين من فبراير الجاري.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية