{ كثيرون غيري تناولوا بالكتابة الصحفية بل وخصصوا مصنفات قيمة حول الأوضاع التي يعيشها مبدعو بلادي ونظرة المجتمع والدولة ودور وزارات وإدارات الثقافة تجاههم، وبسبب تلك الكتابات المتكررة لجأت بعض الدول إلى تخصيص مؤسسات تحمل من الأسماء ما يمكن وزير الثقافة من الرد الرسمي على هذه القضية، وتظل المؤسسات المعنية بمسمياتها محدودة الغرض المتمثل في مجرد الدفاع والتبرير للوزارة أو الإدارة المختصة، أما على أرض الواقع فلا أثر لها ولا حياء لدى القائمين عليها للاعتراف بالتقصير تجاه (المبدعين) وإحالة اللوم على ميزانية الدولة.
وكأن هذا الكم الهائل والنوعي من الإنتاج الذي يقدمه المبدعون في شتى المجالات كأنه لا يصلح ليحول إلى منتوج إبداعي يفيد الجميع بعد تسويقه سواء بالنشر أو التعليب البرامجي المشاهد والمسموع.
ولأهمية الأمر تجدني دائماً ما أتساءل.. لماذا لا يتناول أهل القانون المختصون في (الملكية الفكرية) هذه القضية لتفعيل (قانون المصنفات الأدبية والفنية) ومن ثم تحريك ملف (الإدارة الجماعية للإنتاج الإبداعي) الذي اعتمدته الآن كافة المؤسسات والتنظيمات الدولية وباركته الشعوب والحكومات من حولنا. وعليه أقول إلى متى تظل وزارة الثقافة عندنا مشغولة عن مباشرة دورها الرئيسي الذي يتجسد في هذه المهمة المركزية (تنظيم ورعاية الحياة الثقافية والإبداعية).
ومن الواضح أن إهمال هذا الشأن والغفلة عنه انعكس على المناخ الإبداعي العام.. وظهر كقضية بارزة في نصوص وكتابات وتعليقات هؤلاء المبدعين في لقاءاتهم الإعلامية المختلفة.
فما أكثر الشكوى في هذه الأيام من التجاهل والتهميش والإهمال والإضاعة لتراثنا الثقافي.. وما أكثر الشواهد على تجاهل المبدعين والانصراف عنهم إلى ما هو أقل أهمية من عطائهم الثر.
وأخيراً ومن عمق أعماق القضية تحضرني مقاطع من قصيدة (لا يا حبيبي) للشاعر الأديب الخبير الإعلامي “عبد القادر الكتيابي” يقول فيها:
أهاجر عنك يا وطني
ليقوى لديك العذر في نسيان عهدي
قصدك قلت.. تدرك ما أداري
وتشرى رونقي فأبل كبدي
وقد أوصدت بابك دون نشري
فلا تفتحه في إعصار ردي
فإني كنت أمسكه رجاءً
وما طلقته إلا لزهدي
سألقي نار عزمي في جليد
من الصبر الجميل وليس عندي
لتنصفني إذا ما صرت لحداً
كثير منك إنصافاً للحد
{ وضوح أخير :
ما أبلغ هذا الخطاب وما أقسى العتاب!