الرئاسة بعد الحزب ..
ليس مناسباً ولا مقبولاً ، العودة عن القرارات الجمهورية بتعيين (فلان) أو (علان) ، بعد (24) ساعة فقط من إعلانها ، ليتم تعيين آخرين في ذات المواقع !! حدث هذا قبل يومين ضمن قرارات تعيين الولاة ، وقبلها في قرار تعيين الأستاذ “العبيد مروح” في الطيران المدني ثم إعادته للموقع الطبيعي وكيلاً لوزارة الإعلام ، وقبلها في اختيار “عبد الله حمدوك” وزيراً للمالية في قرار أعلنه مساعد رئيس الجمهورية شخصياً !!
وتكرر مثل هذا الخطأ ، مرات عديدة ، خلال السنوات الأخيرة ، وهو بلا شك يعكس ارتباكاً في مكاتب الرئاسة المناط بها تمرير الاختيارات للمناصب ، ثم إعلان القرارات .
قبيل تعيين أي مرشح لمنصب ما ، يُفترض أن يتصل به مكتب السيد الرئيس ، ثم يتصل بالجهة التي يتبع لها ، إن كانت قوة نظامية ، ثم يُطلب من المرشح للموقع الدستوري مقابلة الرئيس للتشاور خلال ساعات ، من بعد ذلك يصدر القرار الجمهوري .
بصراحة ، قبل سنوات طويلة ، كان للرئيس مستشارون سياسيون وقانونيون ومديرو مكتب رئاسي من العيار الثقيل ، ولم نكن نسمع بمثل هذه القرارات التي يتم الرجوع عنها بعد يوم واحد من صدورها .
المرحلة المقبلة حساسة وخطيرة وبالغة التعقيد ، خاصةً أن الرئيس يتجه إلى مغادرة منصة حزب المؤتمر الوطني ، والاكتفاء بالمنصة القومية وهي رئاسة الجمهورية ، ولهذا فإنه شرع في ترتيب بيت الحزب الداخلي ليستطيع مواجهة صعاب المرحلة ، فاختار له رجلاً قوياً ومتمرساً ومبتكراً هو مولانا “أحمد هارون” ، وهو اختيار دقيق وصحيح وفق قائمة الخيارات الأخرى المتاحة .
وطالما أن الرئيس بدأ في ترتيب أوضاع الحزب قبل أن يغادره ، فإنه من باب أولى أن يولي بيته الأول ، رئاسة الجمهورية ، قدراً من الاهتمام بتجويد و(توضيب) مكاتبها وإداراتها ، مع تقديرنا الكبير للرجل المحترم المهذب وزير الرئاسة الدكتور “فضل عبد الله فضل” .
مفارقة الرئيس للحزب ، وتبعاً له جميع ولاة الولايات السادة (الجنرالات) الذين لم يعودوا رؤساء لحزب المؤتمر الوطني في الولايات ، يستدعي تكوين استشاريات ودوائر (سياسية) تعمل في مكتب كل والٍ ، مهمتها تقديم النصح للوالي ، ومساعدته في الترشيح للمناصب المختلفة بالولايات ، حتى لا يُترك الأمر لجنرال يفكر ويقدّر وفق علاقاته القديمة والجديدة ، وفي نطاق عمله السابق ، في الشرطة ، أو في سلاح المظلات ، أو رئاسة الأركان ، فتكون النتيجة حكومات في الولايات من (أولاد دفعة جيش وشرطة وأصحاب أصحاب) !!
المرحلة القادمة لا تحتمل أخطاءً ، فيكفي ما كان يتهدد البلاد من خطر داهم .