أخبار

خربشات

(1)
أخذت سيارة البرلماني والقيادي في المؤتمر الوطني “محمد صالح الأمين” تتمطى في طريق النيل الغربي.. باتجاه قرى شمال الكلية الحربية التي ثار جدل حول انتقالها من منطقة السلاح الطبي الحالية إلى وادي سيدنا؟؟ هل كان لـ”جعفر نميري” قرار الانتقال أم لا؟ ورئيس اتحاد الصحافيين “الصادق الرزيقي” يسرد تفاصيل دقيقة عن اختيار منطقة شمال أم درمان كثكنات عسكرية ومطار ومراكز تدريب في عهد “النميري” و”محمد إبراهيم قنيسطو” يتأمل في مدرسة وادي سيدنا.. وسور الكلية الحربية (العظيم) الذي يعد أطول سور في السودان!! كلما ابتعدت السيارة شمالاً.. السروراب والشهيناب.. وبلوغاً لمنطقة ود حامد تناقص عدد السيارات والطريق الذي شيدته شركة المك نمر قبل سنوات، قد شاخ في شبابه.. وتكاثرت وتنامت الحفر وسط الإسفلت.. وعلى مقربة من المتمة تقع قرية (الجريف) أو مدينة الجريف.. والتميز بين المدينة والقرية بات شاقاً، فقرى نهر النيل رغم فقرها.. وقلة سكانها تتمدد أسلاك الكهرباء من قرية يقطنها (10) أشخاص إلى أخرى سكانها أكثر من ألف نسمة.. وقف الفريق “السر حسن بشير” في الشارع ينتظر ضيوفه القادمين من الخرطوم.. وبينهم صديقه اللواء “عبد الرحيم حمدان دقلو” قائد ثاني قوات الدعم السريع.. وهو شاب في تواضع من غير ضعف.. وقوة بلا غرور.. و”السر حسن بشير” واحد من كبار قادة القوات المسلحة بعد أن كان متوقعاً ترفيعه لأعلى، عين الآن مديراً لشركة مطارات السودان.. استقبلتنا قرية الجريف في يوم عرسها وفاءً لأحد قادتها النائب البرلماني في الجمعية التأسيسية 1986م، عن الحزب الاتحادي الديمقراطي “أحمد محمد عطا المنان” الشهير بجبل الجعليين، وقد استحق الرجل التكريم من أهل نهر النيل.. وعلى لسان حسان الجعليين.. ترددت أبيات “الشريف زين العابدين الهندي” في مدح “عطا المنان”:
حاشاك الملامة وما بتسوي العيب
وأيدك لسه تجدع من بعيد وتصيب
ويومك في المحاص شايفنو جاي قريب
ودورك بيتلعب قبل الشمس ما تغيب
في حضور “حاتم الوسيلة الشيخ السماني الشيخ برير” والي نهر النيل، كانت عصرية الجمعة بمثابة رد الجميل لذلك الفارس النبيل حينما عزفت الموسيقى.. وتعالت الهتافات في يوم الجريف وهي تكرم ابنها الذي بنى المساجد والمدارس والخلاوي.. وطيب الجروح وكفكف دمعة الباكي.. وكان ابنه “عمر” المدير التنفيذي لشركة الجنيد للطرق والجسور قد نسج بخلقه وأدبه وطيب معشره وصلاً بين دارفور ونهر النيل.. وشكلت دارفور الاجتماعية ممثلة في رموزها “شارف علي مسار” و”إبراهيم علي مسار” و”الرزيقي” نقيب الصحافيين و”محمد صالح” حضوراً أضفى على الاحتفالية الكبيرة أبعاداً قومية.. وبطبيعة أهل تلك الديار قلد الشيخ “عطا المنان” أوسمة شعبية من الناس، “الطيب” في نهر النيل في انتظار أن يشمله تكريم رئاسة الجمهورية في الأعياد القومية لأن جبل الجعليين يستحق كما قال بذلك الناظر “بابكر حاج عمر” .
(2)
عندما غنى “محمد وردي” في ميدان الحرية بجوبا بعد انفصال الجنوب أو استقلاله: اليوم نرفع راية استقلالنا، بكت “تريزا ما نجويل”.. وعضت على طرف ثوبها.. ونظرت لـ”وردي” الذي أرهقته سنوات العطاء وثقلت أقدامه.. ولكن صوته الندي لا يزال ذلك الصوت الذي غنى الحنين يا فؤادي لـ”إسماعيل حسن” ، وغنى جميلة ومستحيلة لـ”محجوب شريف”.. في ذلك اليوم غمرت الساحة فيوض من الحنين والفرح.. وهبت نسائم خريفية على مدينة جوبا التي تلونت بالورود والشوارع بالأعلام وغسلت وجهها من رهق الصراع والموت.. بينما الخرطوم نصفها حزين على ما وقع ساعة الجد.. ونصفها يمشي وراء “الطيب مصطفى” الذي ذبح ثوراً أسود تعبيراً عن شعوره بالارتياح لانقسام الوطن لوطنين ومغادرة الجنوبيين لمقرن النيلين.. و”وردي” لم يغن في ليلة الوداع بميدان الحرية الأناشيد الوطنية لوحدها.
في تلك الليلة كان “مبارك بشير” حاضراً لحظة الفراق ومع نسايم الخريف الذي يهطل في جوبا مبكراً، غنى “وردي” ومن خلفه ردد جنود الجيش الشعبي وحسان مريدي.. وبنات الشلك في فشودة يا نسمة..
يا نسمة جاية من الوطن بتقولي أيام زمان ما برجعن
باكر بودعني الشجن واتمنى بيك طول الزمن
حظك جميل دايماً تسافري بلا تصاريح رحلة سفر
وتعودي عبر المستحيل نديانة ذي صدف البحر..
ولأن أحلام السودانيين قصيرة.. ماتت أحلام أهل الجنوب باندلاع الحرب الثانية.. ورحل “وردي” عن هذه الدنيا وبقى حزب “وردي” بلا بطاقات تنظيمية يتمدد بين الدولتين ويتضاعف عدده كل يوم.. و”وردي”
و”وردي” عبر عن حزنه على الوطن المحزون حينما ردد.. وأنا بحزن لي سفن جايات وما بتلقى البلاقيها..
في الأسبوع الماضي أعجبني تعبير ورد في صحيفة المصير الجنوبية رغم اختلافي مع مقاصد التعبير، لكن كاتب المقال الذي رد على أحد مسؤولي السفارة السودانية في جوبا الشاكي من تحيز الصحيفة الجنوبية لأحد أطراف النزاع في السودان بقوله: (نحن الجنوبيين لسنا طرفاً محايداً في الصراعات التي تحدث في السودان، كيف يقف المرء في الحياد ووالده يضرب بعصا على رأسه.. الشمال (أبونا) ولن نرضى له الذل والهوان).. بغض النظر عن كل شيء لكن تبقى مثل هذه الصلات العميقة بين الشعب الواحد في الدولتين تمنحنا الأمل في عودة الوعي لأجيال لم تولد بعد، ستقرر شيئاً لن تفصح عنه الآن.. وفاءً لـ”وردي” في قبره!!
(3)
في منتصف شهر فبراير الحالي عشنا مع ليالي أوربا وكبرى البطولات الأوروبية (دوري الأبطال) تبلغ مراحلها النهائية.. الريال يهزم أياكسي وسط أرضه وجمهوره ويشحن بطاريات العبور إلى دور نصف النهائي، ويغازل الكأس للمرة الرابعة توالياً.. ومن ليالي أوروبا موقعة الانفليد بين كبير الألمان بايرن ميونخ وكبير الإنجليز ليفربول، وانتهت هي الأخرى بالتعادل السلبي واقترب الإنجليز من مغادرة البطولة برفقة فريق الشياطين الحمر مانشستر الذي خسر من الفريق (الباريسي) بهدفين دون رد الأسبوع الماضي ، ومطلوب من ليفربول ومدربه الداهية الألماني “كلوب” التعادل الإيجابي أو الفوز على الألمان بأرضهم وتلك مهمة صعبة من مهمة ليون الفرنسي حينما يواجه الكتلان في الكامب نو لإزاحة برشلونة.. أوروبا هي السحر والفن ومتعة كرة القدم وحلاوتها، وفي كل يوم تثبت الساحرة المستديرة بأنها موحدة القلوب والأفئدة ورسول الإنسانية عابر القارات وكاسر حاجز اللغات.. وكل جمعة والجميع بخير.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية