الصحفيون : نطالب بمزيد من الحريات.. نحاكم بالنوايا لا النصوص
في حوار المستقبل على الشاشة الزرقاء قادة الصحافة
ما ذكره الصحفيون أمام الرئيس لا يمكن قوله في دول كثيرة
أكد خبراء ومختصون في مجال الصحافة السودانية أن الصحف قامت بتغطية مهنية وجيدة للاحتجاجات الأخيرة، ودعا رؤساء تحرير وكتاب استضافتهم قناة النيل الأزرق على الهواء مباشرة في برنامج (حوار المستقبل) إلى منح الصحافة مزيداً من الحريات، وتم الاتفاق خلال البرنامج الذي شهد نقاشاً مثيرًا وآراء متباينة، وقدمه الإعلامي “محمد عبد القادر” على أن مواقع التواصل الاجتماعي لم تسحب البساط من الصحافة الورقية التي لازالت تحتفظ بمكانتها وحريتها في إبداء الرأي والرأي الآخر رغم الظروف التي تعاني منها.
وقطع الأستاذ “فتح الرحمن النحاس” بأن الحرية الصحفية الموجودة في السودان غير موجودة في دول أخرى، مشيراً إلى أن الصحافة الآن تقف في منطقة وسطى بين الحكومة والمعارضة، وقال إن الإنقاذ في بداياتها منحت مساحة لليساريين في صحفها ، وإن آخر لقاء جمع رئيس الجمهورية قال فيه قادة الصحف ما لا يمكن قوله أمام الرئيس في دول كثيرة، وإن السودان الآن به كثير من الصحف والفضائيات المستقلة، موضحاً أن إسرائيل تقوم بقمع الصحفيين ودول أخرى تقتلهم، وقال إن الخبز والأمن قبل الحرية التي ترتبط بالمسؤولية وإن النظام القوي لا يخاف الحريات، لكن الظروف الاستثنائية هي التي تقلص الحريات لمدى معين حتى لا يتأثر الأمن القومي، وأشار إلى أن الفضائيات التي نقلت الاحتجاجات كانت ذات غرض وبلا مهنية وعمدت إلى النفاق وفبركة الصور القديمة، واعتبر “النحاس” الحياد نوع من المسكنة، وقال إن الصحفي المحايد لا لون له ولا طعم ولا رائحة ولا بد أن يتخذ موقفاً حسب قناعاته، أحبه الناس أو كرهوه، مشيراً إلى أنه ظل يتلقى طلبات من المعارضين لإرسال مقالاته ويتلقى شتائم بالحاويات لكنها لم تهزه ولم تغير في موقفه الوطني.
وأكد الأستاذ “ضياء الدين بلال” رئيس تحرير صحيفة السوداني، أن الصحافة تتمتع بحرية كبيرة مقارنة بالمحيط إلا إنها تتمدد وتنكمش وأنها تعاملت مع الاحتجاجات بمسؤولية ومهنية عالية وظلت محل اتهام من الحكومة والمعارضة وأوصلت كل قضايا المواطن في لقاء الرئيس بكل تهذيب وتعامل معها “البشير” بصدر رحب، وقال إن الإجراءات الاستثنائية والتعسفية والتجاوزات والمصادرات بتقديرات فردية خاطئة تشوه صورة الحريات في السودان في التصنيف الخارجي، وتجعله في موقع متأخر خلف دول لا توجد بها حرية أساساً ، وقال إن الرقابة القبلية والمصادرة البعدية لا جدوى لها لأن الصحف والأعمدة تنتشر بصورة كبيرة في الفضاء الأسفيري وتكون أكثر جاذبية مؤكداً أن الشعب السوداني بطبعه لا يحتمل القمع ويقول رأيه بحرية أمام المسؤول وفي بيوت الأفراح والأتراح، داعياً إلى محاكمة الصحافة التي تعمل في ظروف سيئة عبر القضاء، مشيراً إلى أنها تحاكم بالنوايا لا بالنصوص، ونادى بمنحها الاستقلالية وتركها لتقوم بدورها في التنوير بموضوعية وفلترة ما ينشر عبر مواقع التواصل ونقل المعلومة الحقيقية دون تهويل أو تهوين، وطالب “بلال الفريق” الحكومي بالبعد عن خانة الدفاع وإحراز أهداف سياسية وقيادة مبادرات، مشيراً إلى أن بعض القنوات الخارجية منحت فرص للمنتمين للحزب الحاكم لكن ظهر بعضهم بضعف في المنطق والحجة والمعرفة.
ووصف الأستاذ “أشرف عبد العزيز” رئيس تحرير صحيفة الجريدة العلاقة بين السياسة والصحافة في كل العالم بالملتبسة ، مشيراً إلى ما حدث من نزاع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والصحفي “جيم اكوستا” بالبيت الأبيض، مشيراً إلي وجود مشتركات في العلاقة أحياناً، مبيناً إلى أن الصحف اتفقت وخرجت بخط واحد يوم عودة هجليج، وقال إن عدداً من السياسيين في السودان يخرجون بتصريحات يهزمون بها مشروعهم وعندما تنقله الصحف في خانة خبر الغرابة تكون هي المحاسبة وتجرم، وقال إن نقل الاحتجاجات الأخيرة بالفضائيات جاء من باب موقف السودان المحايد وعدم وضوحه في علاقاته الخارجية الذي يسبب له الضغوط الإعلامية حتى من الأصدقاء إلى جانب أن تعامل السودان مع المراسلين للقنوات جعلها تتجه في تغطيتها إلى السوشيال ميديا ، داعياً إلى إتاحة مزيد من الحريات واتساع الصدر وسماع الآخر ورفع الإجراءات الاستثنائية على صحيفته، مشيداً بما يتم في قناة النيل الأزرق من شفافية في الحوار.
وطالب الصحفي “بكري المدني” بالإسراع في إجازة توصية الحريات الواردة في الحوار الوطني لإلغاء القوانين الاستثنائية المقيدة للعمل الصحفي، وقال إن تغطية الصحف السودانية للاحتجاجات كانت جيدة وأبرزت كل التظاهرات وإن الصحف منذ وقت طويل سبقت بقراءتها للواقع الاقتصادي القوى المعارضة وكل الشباب المحتجين بالشارع ومواقع التواصل بتبني مواقف واضحة ونبهت الحكومة مبكراً واعتقل عدد من الصحفيين، وقال إن هناك مزايدة على الصحافة من المحتجين بالوسائط وتخوين خاصة من شباب الصحفيين تجاه الأكبر منهم سناً إلى جانب أنها تدفع أثماناً غالية جداً بمحاسبتها من أكثر من جهة عدلية، مطالباً بإعطائها الفرصة لتعمل بالمهنية والموضوعية والمسؤولية لأن القائمين عليها أكفاء .