مافيا الجازولين .. كيف تفكر الحكومة ؟!
رفعت الحكومة قبل أيام سعر جالون الجازولين للمصانع والقطاع التجاري والسلك الدبلوماسي إلى نحو (89) جنيهاً ، ورغم تأثيرات هذا الارتفاع الكبير على المنتجات ، إلا أن أصحاب المصانع يشتكون من عدم توفر الجازولين بهذا السعر الباهظ !
الحكومة ترفع أسعار الوقود ثم تفشل في توفيره ، وهو أمر غريب ومحيّر !
برميل الجازولين يتسرب من الشركات والطلمبات ليُباع في السوق السوداء بـ(3600) جنيه ، أي بواقع (81) جنيهاً للجالون الواحد ، بينما سعره في الطلمبة فقط (18.5) جنيه !!
ونتيجة هذا الخلل الكبير ، تصطف مئات الشاحنات والبصات والحافلات لتعبيء خزاناتها يومياً بسعر (18.5) جنيه لتبيعه للشركات والمصانع بـ(81) جنيهاً للجالون !
هل الحل يكمن في إلغاء الدعم أو تقليله بنسبة كبيرة ليكون الجالون للجميع بـ(89) جنيهاً ، أو توفير الجازولين للمصانع بسعر (18.5) جنيه ، للمساهمة في استقرار أسعار السلع الغذائية ، وقفل أبواب المتاجرة بالجازولين في السوق السوداء ، وبالتالي توفره في محطات الخدمة ؟
في رأيي ، أن سياسة الدولة ينبغي أن تقوم على تشجيع وتحفير الصناعات المحلية ، لدعم الاقتصاد الوطني وتخفيض فاتورة الاستيراد بالنقد الأجنبي ، وهذا ما تعلنه الحكومة كل يوم ، ولكنها تفعل عكسه !
رفع سعر جالون الجازولين يعني تلقائياً رفع تعرفة المواصلات إلى أضعاف مضاعفة ، بينما التعرفة الحالية قاسية وغير محتملة للمواطن فكيف يقبل زيادتها ولو بجنيه واحد ؟
كما أن رفع قيمة الوقود يعني تصاعد أسعار جميع السلع ، بلا استثناء ، بالاستناد إلى ارتفاع فاتورة النقل من ميناء بورتسودان ، وبين الولايات وداخلها .
قرار الحكومة برفع قيمة جالون الجازولين للمصانع ، يؤدي بالضرورة إلى المزيد من تفاقم أزمة الجازولين ، وتطاول الصفوف أمام المحطات ، لأن حصص المحطات تتحول بطرق مختلفة إلى المصانع والشركات والسفارات في أكبر عملية فساد على عينك يا تاجر .. نفس المشهد يتكرر في الدقيق بين المخابز والمصانع !!
إنها مافيا الجازولين .. وأباطرتها تجار ووكلاء شركات وموظفون و مديرون في شركات ، لا يهمهم أن تحرق البلد أو تغرق ، الأهم هو زيادة ثرواتهم و مدخراتهم في البنوك والعقارات .
والحكومة بالقرارات الخاطئة تساعدهم على الفساد ، واستمرار حالة الأزمة في الوقود .
ولكي تسد الحكومة ثغرة السوق السوداء ، عليها أن تحرص على توفير الجازولين للمصانع أولاً وقبل المحطات ، ثم من بعد ذلك تزود المحطات بالكميات المناسبة .
ولكن استمرار وجود سعرين في السوق ، سعر عالٍ جداً وسعر منخفض ، يعني توفر بيئة صالحة للنشاط الطفيلي ، ويساعد على توالد الأزمة .
في ذات الوقت ، فإن الحكومة بحسابات السياسة ، لا تستطيع زيادة جنيه واحد حالياً على جالون البنزين أو الجازولين ، أو الخبز ، وإن فعلت بتهور ، فإنها تمنح معارضيها وأعداءها المتربصين في الخارج بطاقة الصعود المجاني على (السقوط) !!
لابد من تدبير موارد من النقد الأجنبي ، بشتى الطرق ، لعبور (سباق حواجز) العام 2019 .. كيف ومن أين ؟
لابد من حل السؤال.. الإجابة إجبارية وليست اختيارية .