للمرة الثانية خلال شهر أو أكثر، تتمكن ولاية البحر الأحمر من ضبط كمية من الهيروين والحبوب المخدرة هي الأكبر من نوعها من حيث الكمية التي قدرت بـ(1225) كيلو جراماً، وقد كان الفضل في ذلك بحسب (عروس البحر نيوز)، لجهاز الأمن والمخابرات، وقد تمت إبادتها أمس الأول، وفقاً للضوابط القانونية بواسطة القيادات الشرطية والعدلية والقانونية على مستوى الولاية والمركز وإدارة العمليات بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات وسلطات الأمن والمخابرات، وكانت الجهات الرقابية قد ضبطت هذه الكمية في الساحل الشمالي للولاية.
جاء في الخبر أن هذه الكمية المهولة قادمة من آسيا، كون السودان دولة عبور، لكن لا أدري إن كانت تستهدف السودان ومحاولة التسلل إليه عبر المنافذ البحرية هذه المرات ومرات سابقة، أم مارة (ساي)، بيد أن الثابت أنه وفي حال تم ضبطها أياً كانت وجهتها، تتم إبادتها وفقاً لالتزام السودان وتعاونه مع المجتمع الدولي في مكافحة المخدرات، استناداً على الاتفاقيات الدولية في هذا المجال، فضلاً عن مبادئ السودان بحمايته للعنصر البشري من مخاطرها، كل ذلك لا ينكره أحد، كما لا يمكننا نكران الجهود المقدرة والمبذولة من الجهات ذات الصلة كافة بما في ذلك قوات الدعم السريع، والتي آلت على نفسها الإسهام في سد هذا الباب والطوفان المدمر وهي تسد الثغور وتضع المتاريس عند بعض المداخل، سيما البرية الطرفية والحدودية، لكن وبالرغم من ذلك هنالك من استأسد وتحدى تلكم المصدات وتمكن من المراوغة والدخول حتى قلب الخرطوم العاصمة، الهدف الأكبر والصيد الثمين، وهم قطعاً ليسوا بغرباء، بل عدد مقدر منهم أبناء الوطن الذين ومن أجل كنز النقود وحشو الجيوب، لا تأخذهم في بني جلدتهم رأفة أو شفقة، ولعلهم في غمرة ونشوة حصدهم للمال يفوتهم أنهم قد يدمرون بذلك ذوي القربى والأصدقاء والجيران وربما أبعد من ذلك بدس السم في الدسم، وأن يكون أولادهم أول ضحاياه.
قلت إن عدداً مقدراً منهم، ذلك أن البقية من النصاب هم أجانب إما تجار ومروجون بالداخل أو ممولون ومراقبون من الخارج، وهذا النوع الأخير ليس هدفه المال والتكسب، إنما تدمير الشباب بناة ودعائم الأوطان وقادة مستقبله، وهذا الافتراض ليس من بنات أفكاري، إنما قال به الكثيرون من علماء الدين، والاجتماع والنفس، بل الجهات الرسمية نفسها.
ومع مباركتنا لهذه الجهود نشدد على زيادة التأمين، لأن الكثير من المخدرات بأنواعها يتسلل للداخل وينسرب من بين الرقابة، وبالرغم من المطاردات الداخلية التي تسفر في بعضها عن الكثير من ضبطيات، إلا أنه ومع ذلك يصل لعدد لا بأس به من المتعاطين، ولعل هذه القضية تحديداً – أي قضية المخدرات – ضالعة في عدد من المحاور والشعب للحد الذي تصعب السيطرة عليها تماماً رغم المجهودات المقدرة، فالأمر أكبر من أن تحتويه جهات محدودة.
أيضاً ومع المجهودات الكبيرة في ضبط هكذا نوع وكميات، إلا أن ذات الميناء شهد ضبط أكبر حاوية للمخدرات، ورغم مرور سنة أو اثنتين، إلا إن مكنوناتها وهويتها وقبلتها وخلافه ظل (حمدو في بطنه).
(2)
وفي الوقت الذي يهدر فيه الشباب والشابات بالشوارع يملأونها ضجيجاً عبر المظاهرات المندلعة لأكثر من شهر، وقد كنا نظن وبعض الظن إثم، أن جلهم مغيبون تحت وطأة المخدرات، إلا أنه أثبتوا العكس (على الأقل لنسبة مقدرة منهم)، في الوقت نفسه هنالك من أخذته نشوى المخدر وسكرته بعيداً عن هذا الحراك وما زالت ضبطياتهم تتوالى في عز هذه النفرة الشبابية، وليس ضبط مجموعة شباب بينهم ابن فنانة كما أوردت الأخبار، ببعيد عن ما أقول، ولا أعني أن هذا خصم على الشباب الثائر هذه الأيام، لكن فلتصمت بعض الألسن التي جعلت من كل أمر غير الحديث عن الثورة، انصرافياً وباطلاً.