هل ينضم العتباني الي مجموعة ابوعيسي؟
{ رغم البيان التصحيحي للدكتور “غازي صلاح الدين” وانتشاره عبر صفحات التواصل الاجتماعي ومواقع (الإنترنت) المختلفة، إلا أن القضية لا بد أن ننظر إليها من جوانب أخرى تتعلق بشخصية “العتباني” وطريقته ورؤيته في القضايا الفكرية والجدلية في السياسة السودانية وتجربة حكم الإسلاميين، إذ أن الرجل ما زال يبحث عن موقعه في ساحات السياسة، خاصة بعد مؤتمر الحركة الإسلامية الأخير الذي جاء بالأستاذ “الزبير أحمد الحسن”.
{ ويبدو أن الدكتور “غازي” ما زال يختزن شرط المؤتمر الذي دفع به خارج الحلبة التنافسية رغم انسحابه غير المبرر، لأن المسببات لم تكن مقنعة، والوقائع دحضت التفاصيل التي أثيرت في همس المجالس وتداولتها وسائل الإعلام بحذر وخبث في بعض الجزئيات، فالكل كان ينتظر جسارة الدكتور وتحدياته ومواصلة الترشح حتى خواتيم المؤتمر، ومن ثم فإن الحديث سيكون مختلفاً بل ربما زاد من شعبية الرجل ودفع الشباب للتمسك بأطروحاته وقناعاته الفكرية والفلسفية في شتى القضايا، ولكن الرجل استخدم أسهل الطرق وخرج من حلبة المباراة ورفع الراية البيضاء، ظناً منه أن المثالية في مثل هذه الحالات ربما قوت مواقفه وحركت المياه الراكدة ونفذت رؤيته في مجمل القضايا التي قال فيها كلمته وقاد فيها تياره الإصلاحي.
{ وبيان الدكتور “غازي” حول رئاسة الرئيس لم يكن بعيداً من السياسة التي ينتهجها والهالة التي وضعها لنفسه وللمجموعة التي تدور في فلكه، لأن القضية لا تحتاج لتشخيص وبيانات توضيحية وتصحيحية، لأن المؤتمر الوطني يعلم تماماً المواد الدستورية التي أشار إليها الدكتور وعرضها عبر بياناته الصحفية، ولكن الهم العام لم ينحصر يوماً فيها أو حولها، لأن الحلول المتاحة معروضة على منضدة الحزب والرئاسة، ويمكن تدارك الأزمة ببساطة ويسر، كإجراء بعض التعديلات الخاصة بالدستور أو توضيحات تبين أن الفترات السابقة لحكم البلاد كانت انتقالية، وأن المادة (57) ستظل كما هي عليه، ولكن بعد قيام دورة أخرى للرئيس “البشير”، خاصة بعد توقيعات نواب البرلمان والرفض الرسمي والشعبي والحزبي لمجموعة كفاية، بعد أن اتضح أن الخطوة لن تنفذ في الوقت الحالي بحيثيات كثيرة كتبناها سابقاً وما زالت تداعياتها مستمرة.
{ فالطريقة المتبعة من بعض القيادات في المؤتمر الوطني التي تنادي بالإصلاح لابد أن تراجع حساباتها في القضايا الجدلية، وأن تحرص على المنطقية والدبلوماسية في تناول المعطيات التي تصب في خانة إشعال النيران والتوترات التي لا معنى لها، لأن الظروف التي تمر بها البلاد تتطلب مزيداً من الوعي وإبعاد الشخصنة من إبداء الرأي في القضايا الكبيرة التي تمثل ركيزة من ركائز السياسة السودانية، لأن المنعطف أضحى خطيراً والواقع لا يتحمل مزيداً من المنطقيات الفلسفية العقيمة التي لا تقدم ولا تؤخر.
{ مجموعه (كفاية) تراجعت ضمنياً من قراراتها الأخيرة بعد الحراك الذي أحدثه الشعب والقيادات السياسية المعارضة والمساندة لتجربة حكم الإسلاميين، إذ لا معنى من جدل يقود البعض من أجل حراك ذاتي يشير إلى سياسة (الشوفونية) لبناء مجد خاص لا علاقة له بالوطن ولا المواطن.
{ لم يرهق الإنقاذ إلا بعض أبنائها، ولم يعرقل المسيرة إلا بعض الأصوات النفعية التي لا ترى في الوجود من جمال إلا نفسها ومقعدها، منصبها ومكانتها، والسعي في تكبير (الكوم) بالحجج والجدل والمعارضة الضمنية التي لا تجدي ولا تفيد.
{ مشروع الإسلاميين في الحكم يحتاج إلى رؤية مختلفة تعيد صياغة المشهد السياسي وتضع التجربة في طاولة التشريح ومن ثم تعالج الثغرات من الداخل وتعضد على الإيجابيات، لأن (المشاترة) من خارج المضمار تعتبر معارضة رسمية ينبغي أن يتم بموجبها الانضمام إلى مجموعة “فاروق أبوعيسى”.