متى تقلعون!
لماذا لا يتعافى المؤتمر الوطني من داء السيطرة المركزية والوصاية على قواعده بما يهدم أي بناء شيّده في ليل الأسى ومر الذكريات، على قول “حسين خوجلي” الهرم الإعلامي الذي تضيف إليه الأيام والسنين بريقاً كل يوم.. المؤتمر الوطني طرد من قبل قيادات انتخبتها الجماهير وقواعده من مناصبها، إشباعاً لرغبات أفراد داخله، ولتقديرات أثبتت الأيام أنها خاطئة، وترتبت عليها خسائر فادحة في الأرواح وممتلكات الناس.
خلع المؤتمر الوطني قياداته في جنوب دارفور وغربها، المنتخبين الشرتاي “جعفر عبد الحكم” والناظر “عبد الحميد موسى كاشا”، وجاء بولاة على الولايتين من المركز (كيداً) في المغرضين، على حد قول أحد (المداهنين) لكل فعل حكومي!
كان الشرتاي “جعفر” من الشعب وإلى الشعب، واستبدل بوالٍ على الشعب من المركز، وكان د. “عبد الحميد كاشا” من المجتمع وإليه، فجاء المركز بوالٍ على نيالا، والآن بعد مضيّ أكثر من عام على قرارات الإعفاء وتقسيم دارفور بزيادة ولاياتها لخمس، ماذا تحقق لصالح إنسان دارفور؟!
هل استقرّت الولايات الجديدة والقديمة؟! وأي حصاد تنموي واستقرار أمني للولايات القديمة والجديدة؟!
مرة أخرى يعود المؤتمر الوطني لصفةٍ لازمته، وهي التمادي في الأخطاء وعدم الاعتراف بإخفاقاته السابقة، والصحف تكتب، والقيادات (تحيك) ملابس السلطة القادمة، والاجتماعات الليلية تنفضّ على الابتسامات والأمل والمشروع الجديد أن يتمدّد إعفاء الولاة المنتخبين واستبدالهم بآخرين (معينين) من المركز الملهم ومستودع الحكم والرشد، لإصلاح ما أفسدته الجماهير، بالمجيء بولاة لا يشرّفون المركز ولا يمثلون مصالحه.
تمتدّ الفكرة البائسة لإعفاء ولاة منتخبين من شمال دارفور، وشمال كردفان، وقيل النيل الأبيض، ويضاف إليها أحياناً جنوب كردفان، لأسباب متفاوتة وتقديرات خاصة بالمركز، الذي لا يأبه كثيراً للرأي العام داخل حزبه أو خارجه!
والانتخابات التي جاءت بالولاة الذين تمّ إعفاؤهم، والذين ينتظرون وما بدلوا تبديلاً، لم تعترف بها القوى السياسية المعارضة، بل حتى جزء من القوى السياسية المؤتفلة مع المؤتمر الوطني غير (مقتنعة) بالانتخابات، ولا نزاهتها، والمجتمع الدوليّ اعتبرها انتخابات تفتقر إلى المشروعية.
وكان أحرى بالمؤتمر الوطني أن يحترم انتخاباته ولا يهزمها في منتصف الطريق.. يحتمل تبعاتها، ويقطف ثمارها، مصداقيةً وثباتاً على المبدأ، ولكنه لم يفعل، فانهال عليها بطرد ولاة دارفور، وأرغم “كرم الله عباس” على مغادرة كرسيّه، بعد أن حاز على مائتين وعشرين ألف صوت، وحينما أعيدت الانتخابات لم يحصل من جاء بعده إلا على مائة وأحد عشر ألف صوت، فأين ذهبت المائة ألف من الجماهير؟!
هل إعفاء الولاة المنتخبين وتبديلهم بآخرين من (المركز) إجراء يخضع لهوى أشخاص ورغبات جماعات ضغط، أم يسنده نصّ في الدستور بريء مما يحدث.. ولكن هل (يتّعظ) دعاة التغيير والتبديل بأحداث نيالا الدامية بعد إعفاء “كاشا”؟
وحينما رفضت الجماهير قرار الإعفاء والتعيين الجديد.. من حق المؤتمر الوطني أن يستبدل ويعين لولايات (جنوب وشرق وغرب ووسط دارفور) ولاة بمقاسات يراها تناسب أهل تلك الولايات، ولكنه لا يملك حق تعيين ولاة شمال كردفان وشمال دارفور والنيل الأبيض.. إلاّ إذا بدّل جغرافية ولايات كردفان، بإنشاء ولاية جديدة في الغرب، كذريعة لتبديل “زاكي الدين” و”هارون”، ولكن المؤتمر الوطني (سيندم ويسفّ التراب) إذا (أعمل) مشرطه في ولايات كالنيل الأبيض وشمال دارفور، فقط من أجل استرضاء بعض الجيوب ومراكز القوى.