مع دعوة أمس الأول للخروج وفق الجداول الممنهجة كالعادة تلاحظ فتور الاستجابة، اللهم إلا من جماعات قليلة تفرقت هنا وهناك، وقد بدأ هذا الانحسار رويداً رويداً إلى أن بلغ مرحلة أمس الأول مقارنة بالاستجابات والحشود الهادرة لأكثر من شهر.. كما تلاحظ أيضا تململ الشارع العام أيضاً من هذا الحراك الذي أوشك أن يعطل مصالحهم فقد بدت المحال التجارية والطرقات شبه خالية حال أعلن عن خروج مسيرات في مكان ويوم كذا، لكن وبالتدريج بدأوا يزاولون أعمالهم بصورة عادية وكذا الشوارع حتى بعد الإعلان عن أي من التجمعات. وليس معنى حديثي التقليل من التجمعات أو الحراك الذي أرهق الجميع لشهر وأكثر بالعكس فقد وصلت الرسالة كاملة للسلطة التي وعت الدرس وشرعت فعلياً في التفاوض كما شرعت في كل ما من شأنه أن يرضى المطامح لاسيما شريحة الشباب.
نعم فإن آخر تجمع للخروج يشي بالتضعضع لكن لا أحد يستطيع أن يتكهن لما بعد ذلك فإن لانت عزيمة الشباب من المنضوين لتجمع المهنيين أو فتر حماسها فهناك من المتربصين أولى العزم الذين لم يحققوا مطامعهم بعد ولم يرضوا كبرياءهم ولا يقبلون بالهزيمة (حسب فهمهم) وسيعودون للعمل وتحريك وإدارة الشارع من شرفاتهم خارج البلاد بكل ما أوتوا من قوة وحقد وتشفٍ وأخشى من الهدوء الذي يسبق العاصفة.
(3)
فأولئك الذين نزلوا للشارع وما زالوا وهم رهن مؤشر الريموت الذي يديره الكنترول من الخارج ظلوا ومع تطبيب الحكومة لهم والسعي لإرضائهم وإرضاء جميع المواطنين بما يتفق مع المعقول والذي ينبغي أن يكون، ظلوا وبطريقة ساذجة يشككون في كل ما من شأنه إخماد النيران وفي كل القرارات التي تتخذ، عقولهم وصدورهم المكتنزة بالغل صورت لهم أو ربما هم يعقلون مصداقيتها لكنهم يرمون بتسميمها وإفراغها من محتواها وحشدها بتحليلات مسمومة حتى لا يتعافى المجتمع ويستكين ويظل أبداً في حالة غليان حتى تستوي طبختهم التي وإن زايدوا عليها بإضرام النار قطعاً ستحترق. فقد ظل الناشطون والمتعاطون لوسائل التواصل الاجتماعي في حالة تجريم لأي قرار تصدره الحكومة آخرها إطلاق سراح المعتقلين أمس الأول بعد أن زارهم وجلس إليهم مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني وأرجعوا التصرف لعبء ميزانية استضافة هذا الكم من المعتقلين في بيان كامل لا يخلو من سذاجة وغير ذلك الكثير حتى لتظن أنهم بلغوا من الإصابة بالوسواس القهري مبلغاً ، لكن ومثلما يدعون أن ما تقول به السلطة أو منسوبوها أو موالوها محض تزوير وأقاويل لا تنطلي على الشعب فبالمقابل ذات التصنيف يوصمون به من العقلاء والذين يقفون في الحياد.
المهم في الأمر هدوء الأحوال نسبياً وعادت الحياة لطبيعتها لكن بعد أن فجعت العديد من الأسر باحتساب أبنائها شهداء ومصابين وآخرين ممن علقت بعض المواقف المؤدية بمخيلتهم.