{ الكثير من المسؤولين بالدولة ومنذ انطلاق الثورة الشبابية الاحتجاجية المطلبية ظلوا يتعاملون مع شبابها بلغة الاستخفاف والتبخيس، فقد وصفهم وزير الداخلية “أحمد بلال” بالصبية وبرلماني قال إنهم يريدون النكاح (الزواج).
{ وحتى حديث مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق “صلاح قوش” في النوير الذي قدمه لمنسوبي قطاع الطب والصيدلة والتمريض رغم احتوائه على اعتراف ضمني بأحقية الشباب في الاحتجاج لأن الدولة أخطأت في حقهم، لكنه أيضاً ألمح بشيء من لغة الاستخفاف بالشباب وظهر ذلك عندما حصر خطأ الحكومة في حق الشباب بمنعها للشيشة وإغلاقها للمقاهي وأماكن الترفيه والتسلية التي يرتادها الشباب خاصة في شارع النيل.
{ والحقيقة أن الدولة أخطأت في حق غالبية شباب السودان بالابتعاد عنهم وانكفائها على ذاتها وبإغلاق كل الأبواب في وجوههم، وأولها أبواب التوظيف والهجرة وحتى أبواب المعيشة البسيطة والحياة الكريمة و حتي تضاعفت معاناتهم من كل ما يندرج تحت العنوان العريض (المستقبل المجهول)، وفي مقدمتها زنزانة البطالة التي حُبسوا فيها طويلاً بعد سنوات الدراسة والاجتهاد الأكاديمي ولم يجدوا عملاً يتناسب مع مؤهلاتهم العلمية أو حتى أي عمل آخر يوفر لهم قوت يومهم، وهكذا ظلوا محصورين في دوائر الإهمال إلى أن تحول سكونهم إلى رياح عاتية وعاصفة فاجأوا بها الجميع وأعلنوا بها عن وجودهم المدوي.
{ الحقيقة التي يجب على قيادات حكومة الحوار الوطني بمختلف مواقعهم وانتماءاتهم الانتباه لها هي أن الدولة ومنذ زمن طويل أهملت الشباب وغفلت عنهم، وأوكلت أمر تدبير الشأن الشبابي إلى كوادر إقصائية إتضح أنهم غير جادين في التقرب من السواد الأعظم من الشباب ومعايشة الواقع المرير الذي يعانيه غالبيتهم، في وقت كانت فيه طاقات شبابية بلا انتماءات سياسية ينتظرون أن تصلهم أيدي الرعاية والاهتمام فإذا بهم يجدون أنفسهم مصلوبين في محطة الانتظار، بل وجدوا أنفسهم معزولين نهائياً عن الدولة بجدار التهميش والإقصاء.
{ حتى شباب (المؤتمر الوطني) ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن فئة قليلة منهم هي التي امتدت إليها أيدي الرعاية والاهتمام، بل وارتموا في أحضان (الدلع).
} وضوح أخير
{ الشباب السوداني الذي أعلن عن وجوده بثورة الغضب، لا أظن أن تعاطي الشيشة وملاهي شارع النيل حتى ولو كانت مفتوحة لهم ليل نهار لن تغيّب وعيه عن المطالبة بحقوقه وطرح قضاياه وإثبات وجوده في المشهد.
{ المهندس “عمار علاء الدين” رئيس الاتحاد العام للطلاب السودانيين أرى أنه هو الكادر الشبابي الوحيد في المؤتمر الوطني الذي تمتع بقبول رباني ويتحرك بروح وفاقية، لم نره يوماً يتعامل مع الشباب من الطلاب بسياسة الولاء والانتماء، وفي كل البرامج والمناشط التي تجمع طلاب السودان شباباً وصبياناً وحتى الأطفال لم نعهده يستخدم جدار الإقصاء وعوازل التهميش، وأظن أنه الوحيد الذي امتلك شجاعة التعامل مع جميع الطلاب بمختلف فئاتهم العمرية ومراحلهم الدراسية بعيداً عن أمراض الانتماءات والتحزبات السياسية والعصبيات الجهوية، وظل على الدوام يتواصل معهم فقط على أساس أنهم (سودانيون) من أصلاب سودانيين، وأنهم جميعاً يمثلون المستقبل الواعد (وطن النجوم)، (أرض الخير) التي ظلت ترفع شعار (يكفي النيل أبونا والجنس سوداني).
{ وإن بقي في العمر بقية، على الحكومة أن تقدمه وأمثاله من شبابها لإدارة حوار مع الشباب الثائر.
{ رسالتي الأخيرة أقول فيها.. اسخروا من قادة الأحزاب واحتقروهم كيفما شئتم ولكن نتمنى ونرجو ومن الآن ولاحقاً ان لا تستخفوا بالشباب.
{ ليه تقول لي انتهينا ونحن في عز الشباب
تانى ما تقول انتهينا بتنهي جيل ينظر إلينا
باني آمالوا وطموحوا ومعتمد أبداً علينا
نحن قلب الدنيا ديا ونحن عز الدنيا بينا