عاطر تحياتي للمهدي (الإمام)
{ ظللت أحرص يوم الخامس والعشرين من ديسمبر في كل عام، على تلبية دعوة الإمام “الصادق المهدي”، عبر مكتبه وسكرتاريته النشطة، للمشاركة في احتفال مصغر بعيد ميلاده.. فضلاً عن تشريفه لنا بأن نكون ضمن مجموعة صغيرة من رؤساء التحرير لحضور حفلات استقبال محدودة لضيوفه (الأجانب). غير أنني – وللأسف – أفشل غالباً لأسباب متعلقة بالتزامات المهنة في أن أكون حاضراً هنا أو هناك، مما يجلب علينا (تذمر) بعض الجهات، خاصة (الحكومية)، التي لا تفترض أن أحداً يمكنه أن (يغيب) عن دعواتها (المقدسة)، إلا إذا كان (متعالياً) مثل حالنا.. والعياذ بالله!!
{ لكنني ولحسن الحظ كنت حاضراً ومستمتعاً جداً بأعياد ميلاد الإمام “الصادق”، على مدى الأعوام الخمسة المنصرمة.
{ في كل عام يتقدم أحد (أبناء) أو (بنات) السيد “الصادق المهدي” إلى المنصة ليحكي فصلاً من مذكراته وتفاصيل علاقته بوالدهم زعيم الأنصار ورئيس حزب الأمة.. رئيس وزراء السودان الأسبق.
{ قبل ثلاث سنوات استمعت ضمن برنامج الاحتفال إلى تجربة الدكتورة “مريم الصادق” وقصة زواجها من السيد “عادل شريف” الذي يعمل بمنظمة (الصليب الأحمر) الدولية. كانت “مريم” تحكي بجرأة كعادتها، وكان “عادل” يجلس إلى جواري بهدوء غريب في الصفوف الخلفية دون أن يعرفه أحد، إنه رجل استثنائي لا تمنعه (نجومية) ونشاط حرمه الكثيف والمزعج، وعلو شأن أسرتها سياسية واجتماعاً، من أن يحتفظ لنفسه بثقة وطمأنينة واستقرار نفسي وأسري!!
{ الاحتفال دائماً يكون (صباحياً)، وهذا يكسبه روعة من روعة الصباح وسكينة لا تجدها إلا في حي “الملازمين” الجميل في (قلب) ” أم درمان” العزيزة!!
{ غبتُ عن احتفال هذا العام لسفري إلى “المغرب”، وما أدراك ما المغرب.. بلاد الخضرة.. والماء.. والوجه الحسن، ولكنني سعدت كثيراً أن تصافحني بحرارة كلمات السيد “الصادق المهدي” (الخضراء) في مطار الخرطوم فجر (أمس)، وأنا أطالع تغطية عيد ميلاده الـ (77) بصحف (الأربعاء)، بعد أن حملها لي الأخ “لؤي الصاوي” (ساخنة) من المطبعة، برفقة المراقب الأخ “يوسف عثمان”.
{ ظللت لسنوات أكتب مطالباً الإمام “الصادق المهدي” بإعداد (خليفته) مبكراً، وحشد الاتفاق حوله في حياته، دون أن يترك مساحة للمفاجآت والخلافات (المؤكدة) في كلا (الحالتين).
{ والدعوة ذاتها سقناها لقادة (المؤتمر الوطني) ولزعيم الحزب (الاتحادي الديمقراطي – الأصل) ولجميع الأحزاب والقوى السياسية (المعارضة)، إذ ليس مقبولاً ولا معقولاً أن تطالب (الحاكمين) بالتغيير، وأنت (متكلس).. متجمد في محطة واحدة!!
{ لقد أعلن السيد “الصادق المهدي” – متعه الله بالصحة والعافية – رغبته الأكيدة في الشروع في (تجهيز خليفته) لرئاسة حزب الأمة القومي، لأن العادة كما قال (أن لا يفكر الناس فيها إلا إذا رُدوا إلى أرذل العمر أو فرضتها عليهم المنيّة).
{ السيد “الصادق” أكد في ذات الوقت أن المؤسسات هي التي ستحسم (الخيار) من بين عدة (مرشحين) سيعكف على إعدادهم وتدريبهم، بينما سيتفرغ هو خلال الفترة القادمة لإنجاز مشروعات (فكرية) و(رياضية) و(استثمارية).
{ لا أملك سوى أن أحييك – سيدي الامام – فهذا هو القرار الصائب الصحيح، وإن تأخر، فإن في الزمن فسحة لتنزيل الفكرة وتطبيق البرنامج بأعجل ما تيسر.
{ (التغيير الشامل) في البلاد، يحتاج إلى مثل هذه القرارات، ابتداء من الأحزاب، بما فيها (الحزب الحاكم)، مروراً بإصلاحات اقتصادية واجتماعية كبرى، وصولاً إلى محطة (الانتخابات القادمة) التي ينبغي أن تكون هي ساحة المنازلة (الشفافة) و(الشريفة) بقناعة كاملة وفعل يطابق القول من قبل (المؤتمر الوطني).
{ نتطلع إلى متابعة تجربة الإمام الصادق (العملية) في إعداد خليفته، وندعو (المؤتمر الوطني) إلى أن يحذو حذوه، فلم يكن مؤتمر (الحركة الإسلامية) الأخير مبشراً، ولا باعثاً للأمل.
{ اختلفنا أو اتفقنا مع السيد “الصادق المهدي”، فإنه يبقى قيمة وطنية وباذخة ورمزاً شامخاً، لا تنقصه ولا تضيف إليه رئاسة حزب الأمة.