“ود المقبول”.. الدنيا عامرابك تظل.. وإن كان رحيلك فرتقها
الخرطوم _ المجهر
قدم جده “الأمين سلفاب” من شمال السودان منطقة الشايقية واستقر جنوب غرب الحصاحيصا على بعد (7) كيلومترات منها.وأستقر في مكان قرية “ود سلفاب” الحالية والتي كانت أصلاً قرية للدينكا، أبادهم وباء الجدري.يقول “مصطفى”: بل أحمل من والدي في داخلي منه الزاد الذي لا ينفذ في كل مراحل عمري ويقول: لدى سبع شقيقات وأخ شقيق واحد توفي في عام 1970 م، وكان عمره سبعة وعشرين عاماً.وكان يكتب الشعر ويغني وتنبأ منذ وقت مبكر بأني سأكتب الشعر أيضاً وأغني أفضل مما كان يغني وكان صوته جميلاً..وفي حوالى عام 1965 وفي مناسبة زواج أحد أبناء القرية من فتاة في قرية (العيكورة) وفي الحفل الذي أقيم في هذا الزواج سمعت مغنياً من القرية شارك في الحفل يشدو بأغنية شعبية.ميزت منها في ذلك الوقت (الفريق أصبح خلا .. جاني الخبر جاني البلا) وملامح اللحن كانت مشحونة بالعاطفة.. وفي لحظة صفا ذكرت لشقيقي “المقبول” ملامح اللحن والمعاني التي تدور حولها القصيدة وأخبرته أن هناك إحساساً قوياً يهزني في هذا اللحن وهذه المعاني وقد وافق ذلك فيه ظرفاً نفسياً خاصا فكتب نص أغنية (السمحة قالو مرحّلة). أثبت هذه المعلومة إحقاقاً للحق وتوضيحاً للغموض الذي قد يحسه من لهم صلة بالأغنية القديمة.عندما فاجأتهم الأغنية الجديدة .. كانت أول كتاباتي بعد أن توفي شقيقي “المقبول” وأول قصيدة مكتملة كانت في رثائه .درس الأولية والمتوسطة (المدارس الصناعية) وكان مبرزاً حيث جاء ثاني السودانعلى مستوى الشهادة الفنية.. لم يواصل في المدارس الفنية حيث التحق بمدرسة بورتسودان الثانوية ومنها لمعهد إعداد المعلمين بأم درمان، حيث تخرج فيه وأصبح مدرساً بالمدارس الثانوية العامة .إلى جانب ما أشتهر عنه من ممارسته لهواية الغناء، أيام دراسته بمدينة بورتسودان، كان موهوباً في مجال الرسم وفنون التشكيل.. عندما لم يسمح له أثناء عمله بالتدريس بالالتحاق بمعهد الموسيقى والمسرح.قدم استقالته وعمل فترة مصمم للأقمشة بمصنع النسيج ببحري . إلتحق بمعهد الموسيقى والمسرح، وأكمل خمس سنوات بقسم الموسيقى (قسم الصوت) إلاّ أنه لم ينتظر حتى ينال شهادته الأكاديمية.متزوج وله طفلان “سامر وسيد أحمد” له من الأخوات سبع وشقيق توفي عام 1970 م “المقبول” وهو شاعر غنى له “مصطفى”، وقد عانى “مصطفى” من المرض كثيراً فقد لازمه الفشل الكلوي مدة طويلة (15 عاماً) أجرى خلالها عملية زراعة كلى بروسيا أواخر الثمانينيات إلاّ أنه تعرض لانتكاسة جديدة بداية عام 1993بالقاهرة وانتقل منها للعلاج بالدوحة حيث ظل هناك يباشر عملية الغسيل الكلوي ثلاث مرات في الأسبوع إلى أن توفاه الله مساء الأربعاء 17 /يناير/ 1996م.رثاه عدد كبير من الشعراء ولكن أقوى رثاء كان لصديقه ورفيق دربه الراحل “حميد” في قصيدة (مصابيح السما التامنة طشيش) والتي يعتبرها النقاد من أقوى ملاحم الرثاء التي استعرض فيها الشاعر الراحل كل الظروف الحياتية والاجتماعية والسياسية التي كانت في بال “مصطفى” ومنها:
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﺎﻣﺮﺍﺑﻚ ﺗﻈﻞ
ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺭﺣﻴﻠﻚ ﻓﺮﺗﻜﻪ
ﺃﻭ ﻳﺎ ﻟﺴﺎﻥ ﻧﺎﺭ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻟﻬﻠﻴﺒﻪ ﺑﻌﺪﻙ ﻟﻮ ﻫﻜَﻊ
ﻣﻴﻦ ﺷﺎﻟُّﻮ ﺷﻴﻠﺔ ﺑﻼ ﺍﺗﻜَّﺄ ؟
ﻣﻊ ﺇﻧﻮ ﺻﺒﺮﻙ .. ﻣﺎنفد
ﺑﺮﺷﻤﺖ .. ﺃﻭ ﻛﺒﺴﻠﺖ ﻛﻴﻒ ﺳﻌﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻓﻲ ﺿﻴﻖ ﻟﺤﺪ ؟
ﺑﺎﻏﺘﻨﺎ ﺭﻳﺢ ﺍﻟﻔﺠﻌﺔ ﻟﻴﻞ
ﻓﺮﻧﺐ ﻓﻲ ﺟﻮﻓﻨﺎ ﻣﺮﺍﺑﻨﺎﺕ ﺍﻟﺼﺒﺮ
ﺷﺎﺕ ﺳﻌﻦ ﺍﻟﺠﻠﺪ
ﺻﺎﺩﻧﺎ ﺍﻟﺬﻫﻮﻝ
.. ﺯﻱ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮ ﻗﺒﻞ ﺩﺍ ﻣﺎ ﻓﺎﺭﻗﻨﺎ ﺯﻭﻝ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ
ﻭﺍﻟﻼّ ﺍﻟﺘﻘﻮﻝ ﺃﻭﻝ ﻗﻠﻮﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻳﻐﺸﺎﻫﺎ ﺍﻟﻘﺪﺭ.