(الحساسية) !!
{ من حق أي مركز بحثي مختص بالدراسات، منظمة، معهداً أو جامعة، أن يجري دراسة أو استطلاعاً للرأي العام وفق ما يتوفر له من خطة وباحثين حول أداء الصحافة السودانية، مهنيتها، انتشارها، أفضل الصحف في أشكال العمل الصحفي المختلفة وأفضل الصحفيين. وقد دأبت بعض الصحف والفضائيات والمواقع الالكترونية على مستوى العالم، منذ سنوات، على إجراء استطلاعات وسط القراء والمشاهدين في نهاية كل عام، لاختيار أفضل مطرب أو مطربة، ممثل أو ممثلة، مخرج أو مخرجة، وأفضل صحفي أو صحفية.
{ وتفعل ذات الشيء لجان مهرجانات السينما الدولية التي قد لا يتجاوز أعضاء لجانها خمسة أشخاص فقط، ورغم ذلك يكون لهم سلطة اختيار أفضل ممثل ومخرج وأفضل فيلم، ورغم أنها مهرجانات عالمية ينفق فيها ملايين الدولارات في “كان” أو “قرطاج” أو “القاهرة” وغيرها، فإن اختيارات لجان التحكيم وقراراتها تخضع بدرجات متفاوتة إلى العلاقات الشخصية والمجاملات، وأحياناً يتدخل المال ليفرض النتيجة!! فالفنانة اللبنانية “أمل حجازي” ذكرت في مقابلة تلفزيونية، شاهدتها قبل شهرين، أن مسؤولين في محطة اذاعية طلبوا منها مبلغاً مالياً محدداً لكي يتم اختيارها أفضل مطربة للعام 2011، لكنها رفضت.
{ صحيح أن هناك مهرجانات ومحطات إذاعية وتلفزيونية وصحفاً، لجانها صارمة ومعاييرها لا تحتمل التلاعب في عملية اختيار الفائزين في مختلف المسابقات الفنية أو الرياضية، والسودان ليس بمنأى عن ذاك الطقس وتلك التجارب (الجادة) أو (المضروبة)، والدليل على ذلك أن بعض المعترضين من الصحفيين على اختيارات (مركز الرؤية) أو (منظمة غايات) بشأن أفضل الصحف والصحفيين ورؤساء التحرير في السودان، هللوا فرحاً قبل سنوات قليلة لاختيارات (مضحكة) من قبل موقع إلكتروني ضحل اسمه (سودانيز أون لاين) جعل من لا سيرة ولا تأثير ولا جماهير لهم، أفضل الصحفيين والكتاب، وسلمهم ميداليات (غير ذهبية) في حفل ساهر بمعهد “جوته” بالخرطوم!! هل تذكرون أيام تلك الموجة و(الهوجة) المتمسحة بالليبرالية و(اليسارية التسطحية) حتى وسط من صنعهم (المؤتمر الوطني) وجاء بهم من المجهول؟!!
{ إذن من حق (مركز الرؤية) و(منظمة غايات) أن يجريا بحوثاً واستطلاعات، وأن يختارا الأفضل – حسب رصانة وعلمية المركز أو المنظمة – حتى لا تكون اختياراتهم مضحكة كتلك التي خرج بها على الناس موقع (المتسطحين البرتقاليين)، لأن الشعب السوداني ذكي وقارئ ولماح.
{ وليس بالضرورة أن يكون مجلس الصحافة والمطبوعات هو الجهة الحاكمة والمتحكمة في مثل هذه النشاطات، ولا ينبغي له، في عالم صارت تحكمه منظمات المجتمع المدني، كما أنه لا ينتقص من قدر وعلمية هذه الدراسات والاستطلاعات عدم معرفة المجلس أو علمه بها.
{ لا يعجبني خضوع مجلس الصحافة والمطبوعات المستمر للضغوط والابتزازات – ولو عن طريق النشر – من بعض الصحف والناشرين ورؤساء التحرير، مما جعله (يحجب) تقارير التحقق من انتشار الصحف خلال السنوات القليلة المنصرمة، وهذا أيضاً ما دفعه إلى إصدار بيان أمس الأول (يتبرأ) فيه من اختيارات مركز الرؤية ومنظمة غايات، ثم يقدم مبررات ضعيفة – لم يكن مضطراً إليها – لتغطية تسرب تقرير التحقق من الانتشار، رغم إعلان حجبه بسبب (الحساسية)!!