زيارات البحر للعروسين.. عادات وتقاليد في الزواج.. أين أصلها؟
الليلة عريسنا سار للبحر يا عديلة)
الخرطوم: رباب الأمين
قبل شروق الشمس تتجهز أسر العروسين للذهاب إلى البحر أو (النيل) لتكملة مراسم الزواج، حيث يعلى إيقاع الدلوكة ممزوجة بزغاريد الفتيات وهن يغنن (الليلة عريسنا سار للبحر يا عديلة)، من عادات وتقاليد بعض من مناطق السودان بأن يشرب العروسان حديثي الارتباط من مياه النيل للحصول على بركة الأولياء الصالحين الذين تركوا بركاتهم في مياه البحار.
ظلت هذه العادة مستمرة في بعض من المناطق ولم يكتفوا فقط بالعرسان كذلك مناسبة الختان يتم الاحتفاء بها على شواطئ النيل.
قبل قرون كان النيل ملجأ للفتيات الجميلات حيث يتم رمي حسناء القرية في البحر وتكون ضحية للتمساح، يعتقدون بأن البحر سيكون راضيا عنهم ويمنحهم مياه شرب عذبة فينسبون للفتاة الضحية هذا الإنجاز العظيم.
كثير من الثقافات السودانية التي ارتبطت بالثقافة الفرعونية خصوصا في طقوس الزواج لدى الفراعنة مثل (الجرتق) الجرتقة عادة قديمة ويقال إنها فرعونية الأصل تقوم بها أحد السيدات من كبار الأسرة بوضع قطعة من الحرير الأحمر عليها هلال ذهبي على جبهة كل من العريس والعروس، ويرتديان لهذه المناسبة ملابس من اللون الأحمر.
بالإضافة إلى أن (بخة اللبن) يرشها العروسان على وجه بعضهما، تشابهت العادات والمعتقدات بين من ينسبها للفراعنة والديانة الوثنية وبين من يؤكد أنها نوبية، بالإضافة إلى أن زيارة البحر من العادات التي رفضها رجال الدين (المجهر) غاصت في الحضارة النوبية وناقشت اندثارها:
موقعها في المجتمع:
الخبير الاجتماعي الدكتور “علي صديق” تحدث لـ(المجهر) أن الكثير من العادات اندثرت بسبب الظروف الاقتصادية وتغير الأحوال الاجتماعية التي اختصرت العرس في يوم واحد (صالة بس) دون التمسك بالذهاب للبحر كذلك أن المواطنين الذين يقيمون في مناطق وادي النيل هم أكثر تمسكاً بالثقافات النوبية والفرعونية، واختتم بأن هذه الظواهر ليس بها حرج مجرد عادات ومعتقدات تزامنت مع المجتمع منذ قرون.
رفضها الدين :
أما شيخ هيئة علماء السودان “شمس الدين علي”، استدل بالآيات القرآنية بأن وقوع الفتيات في البحر هو قتل النفس بغير حق وهذه الأفعال محرمة في الإسلام، “لكم في رسول الله أسوة حسنة” بهذه الآية يجب على جميع المسلمين الالتزام بموجبات الشريعة الإسلامية أضاف قائلاً: (القرابيل واستحمام من البحر أشياء لم يفعلها قدوتنا صلى الله عليه وسلم) وإنما هي من نبع الديانات الوثنية مسترشدا بقصة زواج النبي من السيدة “خديجة” شربوا بإناء واحد من أجل البركة ولم يذهبا إلى البحر.
واختتم (بأن المجتمع لا يزال في حاجة ماسة إلى التوعية الدينية ولكن غالبية الناس مشغولين بجمع المال فقط).
تاريخ الحضارة :
الباحث في شؤون التراث النوبي دكتور “عبد الرحمن علي خيري” أكد لـ(المجهر) بأن أول حضارة كانت ما قبل الميلاد (كرمة) ونفى وجود الحضارة الفرعونية في السودان عندما ارتبطت ثقافات وادي النيل مع مصر كان إعلام الجمهورية المصرية كثيفاً فأكد على أن الحضارة تنبع منهم الأمر الذي أضفى الضوء على الطقوس النوبية ومنها السبوع (زيارة البحر) فرقم سبعة مذكور في القرآن الكريم، مضيفا بأن تاريخ هذه العادات قبل دخول الإسلام مستدل بحديث الرسول صلى الله علية وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) فإذا بها حرج في الشريعة لم تتواصل حتى الآن، ذاكر منافع طمى البحر يعالج الكثير من الأمراض منها (حمى النيل) كذلك المرأة النفساء بعد أن تكمل أربعينها يتم استصحابها للبحر لاستحمام الطفل.
في ذات السياق قارن بين طقوس الزواج الحالية والماضية مع ذكر بعض الاختلاف التي اختفت قليلا وهي (مشاركة الأهل لأسرة العريس أو العروس بالخبز والسمن فيحضرون قبل المناسبة بأسبوع وبعدها بأسبوع لإقامة زيارة السبوع وفيها ينحرون الشاة) وأن للعروسين وزيران يختصان بطلباتهما.
مشيراً إلى أن عادة الجلد في السابق كانت تستخدم كسلاح أبيض في الحروب تشجعهم النساء بالزغاريد.