شهادتي لله

حانت ساعة الحوار مع الشباب

بعد دخول مواكب الاحتجاجات في البلاد أسبوعها الرابع ، دون مؤشر واضح على اهتزاز تركيبة الحكم ، ينبغي أن تجلس قيادات هذا الحراك (الشبابي) وتدرس التجربة ، وتتفاكر حولها ، وتحاول الاستفادة من تجارب الثورات في الإقليم العربي من حولنا ، لتجنب مآلاتها السالبة والعكسية كما حدث في تونس ، مصر ، سوريا ، ليبيا واليمن .
ففي تونس الشقيقة اندلعت أولى ثورات الربيع العربي ، فأطاحت في العام 2011 برئيس كان عمره وقتها (75) عاماً هو “زين العابدين بن علي” ، لكن تونس الثورة والديمقراطية يحكمها حالياً رئيس عمره (92) عاماً هو “الباجي قائد السبسي” ، وهذه ردة كبيرة على ثورة الشباب !!
ولذا .. لابد أن تبحث قيادة هذا الحراك ، بعد التحرر من ضغط الأجندات (الحزبية) ، عن مسار جديد للمرحلة التالية من الاحتجاجات ، يستوعب معطيات الواقع السياسي وحقيقة الأوضاع في دهاليز السلطة ، كما هي ، لا كما يتوهم البعض وينسج من توهماته قصصاً وحكايات تسير خلفها على ضلالة جماهير الأسافير الغفيرة !
فليكن الحوار مع السلطة هو أساس حراك المرحلة الثانية في سلسلة هذه الاحتجاجات المُبرَرة ، على أن تظل قيادة هذه التجمع المهني ممسكة بزمام المبادرة وخيوط التواصل مع قواعدها بعد أن اكتسبت خبرات واضحة في تنظيم المواكب وترتيب الصفوف وتحديد المواقع والمواقيت .
الإصرار على البقاء في موقف واحد ، وشعار واحد متعنت (تسقط بس) ، لا يدفع بتطور هذه الاحتجاجات من خانة الخروج إلى الشوارع ثم التعرض للمطاردات في الأزقة لساعتين وثلاث ، ثم ينفض السامر إلى لاشيء ، إلى أن يتم الإعلان عن تظاهرة أخرى يتكرر فيها نفس المشهد بذات التفاصيل ، بينما ليست هناك أية ملامح أو مؤشرات تلوح في الأفق لإمكانية استلام جهة سياسية أو عسكرية السلطة دون ترتيب واتفاق بين رئيس الجمهورية وقيادة المؤتمر الوطني .
الطريق الصحيح أن يؤسس (تجمع المهنيين) لشرعيته من خلال الحوار مع قيادة الدولة باعتباره ممثلاً لشريحة مهمة ومقدرة من الشعب السوداني ، وما أظنه يزعم أنه يمثل كل الشعب .
المعاندة على رفض التفاوض والحوار لأكثر من عشر سنوات ، هو ما أقعد بتحالف (قوى الإجماع الوطني) وأهم فصائله ، الحزب الشيوعي ، فتجاوزته أحزاب كبيرة وحركات مسلحة ، فأنشأت كيانات معارضة أخرى مثل (نداء السودان) ، (الجبهة الثورية) و(الجبهة الوطنية العريضة) ، وقد صار (نداء السودان) هو الجسم المعترف به دولياً ، بينما بقى تحالف الداخل تحت قيادة الشيوعيين والبعثيين والناصريين .. نسياً منسياً ، وظل التحالف يتمسك بالمناضل العتيق الأستاذ “فاروق أبوعيسى” رغم اعتذاره أكثر من مرة عن قيادة التحالف لأسباب صحية ، وذلك للتوحد خلف اسم وصيت “أبوعيسى” كنقيب سابق للمحامين العرب .
في رأيي أن الحكومة جاهزة للتفاوض والانفتاح على أي حل يحفظ للوطن أمنه واستقراره ويبعده عن مهالك الشعوب التي ثارت فتقتلت وتشردت .
لابد من إعلاء صوت العقل ، فلتتفاوض الدولة مع هذه الجماعة المحتجة ، بعيداً عن أي وسيط أجنبي .. لا “أمبيكي” ولا مبعوث أمريكي .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية