حظيت مطلع العام الفائت بزيارة لولاية القضارف برفقة مجموعة من الإعلاميين قضينا في رحابها العامرة زهاء خمسة أيام تجولنا ووقفنا خلالها على عدد من الصروح المنشأة وتلك التي قيد الإنشاء من بنى تحتية وخلافه، كما زرنا عدداً من المرافق الخدمية حديثة التشييد والتأهيل، فضلاً عن بعض المشاريع الزراعية ومشاريع ترقية المياه الذي كان يؤرق حكومة الولاية كونها الأهم ولأنها تعاني بعض المشكلات ولم تنحصر رحلتنا داخل المدينة لكنا تشرفنا بزيارة مناطق خارجها ذات صلة بالخدمات سيما الكهرباء والمياه. كل ذلك أتاح لنا فرصة التعرف على الولاية وإنسانها وأذكر أنني كتبت عدداً من التقارير والمقالات عن هذه الرحلة وتغزلت أيما تغزل في جمالها وطبيعتها رغم إنا لم نكن في فصل الخريف سيما الطرق المفضية لبعض المحليات والقرى التي تطل من علٍ. لكن وبالمقابل لفت لأمر آخر أعتبره هاماً كونه يشوه أوجه المدينة وهو اتساخها رغم ما تتمتع به من طبيعة حباها بها الله والخضرة تلف خصر المدينة. ولأن طبيعة أرض المنطقة الطينية وطقسها القاسي في الخريف تحديداً بحيث لا يجدي معه بنيان عادي فقد غلبت البنايات العالية على المدينة إلى جانب القطاطي، بيد أن إهمال نظافة الطرق داخل أحياء المدينة خصم من هيكلها الكثير.
لكن كل ذلك (كوم) وما جاء في تقرير الزميل “سليمان مختار”، (كوم تاني)، فالتقرير كان كارثياً كما البيئة بالمدينة. نعم فمشكلة التردي البيئي ونقص عربات نقل النفايات والمرادم تكاد لا تخلو منها ولاية لكنها تتفاوت في حجم التردي. وما دفعني للكتابة عن هذا الأمر هو ما قرأته بمتن التقرير من تنصل وإلقاء كل جهة اللائمة على الأخرى وتحميل المواطن مسؤولية التردي، كيف لأمينة المجلس الأعلى للبيئة وهو الجهة الأولى المناط بها أمر البيئة والنظافة من أن تتخبط في إفادتها تارة تلوم المواطن الذي يتخلص من النفايات في خور أبو فارغة ثم تستدرك بأن ذلك جراء النقص الكبير في عربات النقل! ،من المعني والمسؤول من كل هذا الملف الذي يفتقر لأبسط مقوماته فيما يعني بالنظافة والحفاظ على البيئة.
سلسلة المشكلات المتلاحقة تضر بشكل واضح بالإنسان الذي يعيش وسط كومة من القاذورات والنفايات الطبية والحشرات والروائح النتنة، والحيوان الذي يتغذى على ذات النفايات بما فيها الأكياس المهدد الأول لانقراضها، وكذا الزرع الذي ينمو في أرض معطونة بمياه ملوثة.
كل ذلك يستدعي تدخلاً عاجلاً من الحكومة الاتحادية كما يلقي على عاتق الوالي الجديد العميد أمن (مبارك شمت) مسؤولية جسيمة كون القضية امتدت لأربع سنوات بلا حلول..
السيد الوالي .. الولاية تستحق التجميل ليكتمل جمالها فهي ليست أقل من ود مدني وبورتسودان والشمالية التي وضع ولاتها تجميلها نصب أعينهم، وإن فعلت ذا فبلا شك ستصبح قبلة سياحية لما تملك من مقومات سياحة .. فقط تنتظر الترقية.