مواطنون يصفون ما يحدث بالهمجية : المواصلات.. مشكلة تتجدد وأزمة تتمدد
أزمة المواصلات التي أطلت برأسها في الساحة من جديد، لا يرى معظم الناس مبررات موضوعية لظهورها، لكن هناك من ربط بين هذه الأزمة وقرار عدم استيراد العربات الذي أصدرته الحكومة قبل أكثر من عام، وقالوا إن معظم المركبات المستخدمة الآن تعاني من مشكلات كثيرة من بينها انعدام الاسبيرات وارتفاع تكلفتها على خلفية هذا القرار، وآخرون أضافوا إن موضوع رفع الدعم الجزئي عن المحروقات الذي اتخذته الحكومة أحد الأسباب التي أدت إلى تعاظم هذه الأزمة.
الحكومة من جانبها حاولت تخفيف هذه المشكلة عندما أدخلت البصات المستوردة، المتعارف عليها بين المواطنين ببصات (الوالي) في خطوط النقل المختلفة.. لكن رغم هذه المجهودات والتعهدات التي أطلقتها الهيئة الفرعية للحفلات، إلا أن الأزمة ما زالت تراوح مكانها. وفي السياق شوهدت بالأمس أعداد كبيرة من المواطنين يقطعون مسافات طويلة سيراً على الأقدام بعد أن انعدمت المركبات بالمواقف العامة.
(المجهر) حاولت التعرف على الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذه الأزمة وما يجري هناك، فاستطلعت عدداً من المواطنين وأصحاب المركبات إلى جانب بعض الجهات المختصة.
{ ماذا يحدث وأين المركبات؟
ويقول المواطن “عباس الضي محمد”: (كل الذي أود أن أعرفه ماذا يحصل؟ وأين ذهبت كل الحافلات التي كانت موجودة في السابق؟)، وأضاف: (أصبحنا نعاني وغير قادرين على الانتظار إلى ساعات طوال في موقف جاكسون تحديداً، ونفضل الذهاب إلى منازلنا سيراً على الأقدام)، وأكد أن أصحاب الحافلات يتحكمون في المواطن على حسب مزاجهم، وقال إن الحافلات تكون أمام أعين الجميع ويقول صاحبها: (أنا ما ماشي)، مشيراً إلى أن الجهات المسؤولة ليس لها دور رقابي على أصحاب الحافلات، والأمر زاد عن حده كثيراً، فعليها مخافة الله في رعاياها. وفي ذات السياق تقول الطالبة “نشوة صلاح” إنها تدرس بجامعة النيلين وتعاني عندما تريد العودة إلى منزلها، وأكدت أنها عندما تخرج من منزلها إلى الجامعة لا تجد المواصلات إلا بعد العاشرة صباحاً، وقالت هذه الأزمة ظهرت بصورة كبيرة، في السابق كانت الأزمة في أيام معينة ولكن الآن أصبحت بصورة مستمرة كل الأيام صباحاً ومساءً. أما الطالب “محمد عباس” فقد طالب الجهات المسؤولة بزيادة عدد البصات ودخولها إلى موقف “جاكسون”، وقال إن الولاية لا تدير البصات بصورة عادلة وهناك نوع من الهمجية- على حد تعبيره، وقال إن معاناته تبدأ من الساعة السادسة حتى العاشرة.
{ أين بصات الولاية؟
من جهته، قال سائق الحافلة بالسوق الشعبي “محمد إبراهيم”: (الإشكال الحقيقي في الحكومة لأنها تقف أمام شعبها متفرجة)، وأضاف: (نحن نعمل من أجل المواطن والدولة لا تراعي ذلك)، وأشار: (في بعض الأحيان يضيقون علينا الخناق عن طريق الإيصالات والمخالفات والقوانين الصارمة)، وأكد أن التعرفة تحتاج إلى تعديل.
فيما وجه المواطن “الطيب عبد القادر” بعض التساؤلات للجهات المسؤولة قائلاً: (ماذا حصل لبصات الولاية؟ وهل فشل المشروع؟ ولماذا تخزن البصات في الوقت الذي يعاني فيه المواطن؟ وماذا حول الاتفاق والتفاوض مع أصحاب الحافلات؟)، وأكد أن السبب الرئيس في ظهور هذه الأزمة هو تلك البصات.
فيما أكدت الحاجة “آمنة” أنها تحاسب أحفادها وأبناءها الذين يدرسون في الجامعات وكانت دوماً تطالبهم بالرجوع في وقت مبكر، ولكنها عادت وقالت إنها عندما خرجت إلى مواقف المواصلات التمست العذر لهم وطالبت الجهات المسؤولة بإيجاد حل، لأنها تخاف على أبنائها.
وأشار العامل “صلاح الدين حسن” إلى شكل معاناته قائلاً: (سلمنا أمرنا لله)، مؤكداً أن (الحكومة ترى الناس صغاراً وتحتاج إلى مجهر، حتى ترى حقيقة أننا بشر نؤثر ونتأثر)، وأضاف: (نحن نقف لساعات في الموقف وأصبحنا نعاني من مياه الصرف الصحي أكثر من المواصلات نفسها).
{ السبب وقف استيراد الحافلات
وفي السياق، قال رئيس وحدة الحافلات بأم بدة “صديق الحاج محمد” إن السبب الرئيس في هذه الأزمة هو وقف استيراد الحافلات وكل الحافلات التي تعمل الآن هي (سكند هاند)، وأشار إلى أن الحافلات في السابق موجودة بمعدل الألف حافلة بين كل فترة والأخرى، ولكن في الوقت الراهن المعدل (صفر) ومعظم الحافلات الآن موجودة بالمنطقة الصناعية من أجل الصيانة لأن كل الإسبيرات التي تعمل بها هي إسبيرات صينية، هذا بالإضافة إلى هجرة عدد من أصحاب الحافلات إلى الولايات مما سبب نقصاً كبيراً.
وقال أمين خزينة النقابة بوحدة الحافلات “مختار موسى أحمداي” بأم درمان لـ(المجهر) إنهم عملوا عدداً من المعالجات على مستوى الخطوط و(المعاناة عادة تكون في وقت الذروة لذلك كوّنا لجاناً تتحرك على مستوى مسؤولياتنا في السوق الشعبي، سوق أم درمان، وأبو زيد، بتنسيق مع إدارة المرور وإدارة النقل العام وإدارة البترول توجد من الساعة السادسة مساء ودفعنا بأكثر من عشرة بصات كبيرة بتنسيق مع الولايات فقط من أجل فك الاختناقات، و(50) حافلة رهن الإشارة). وأشار إلى أنهم الآن يجتمعون في كل يوم من أجل العمل الميداني ومراقبة ما يحدث لتقديم المساعدة وإجراء بعض المعالجات والحلول.. وفي معرض رده على سؤال (المجهر) حول الإجراءات التي يتخذونها مع أصحاب الحافلات الذين يمتنعون عن نقل الركاب، قال إنهم يتخذون قرارات بسحب الرخصة منهم بعد إبلاغ الجهات المسؤولة.
{ نقل طارئ لحل الأزمة
إلى ذلك أعلنت لجنة تنسيق شؤون أمن محلية الخرطوم أمس حزمة من القرارات التنظيمية الخاصة بحل إشكالات أزمة المواصلات الراهنة، كان من ضمنها إعادة تشكيل غرفة النقل العام بالمحلية برئاسة المعتمد، وعضوية شرطة المرور وجهاز الأمن والمخابرات وشرطة المحلية وغرفة النقل المركزية ونقابة الحافلات وشركة مواصلات ولاية الخرطوم، وفق اختصاصات جديدة من شأنها تسهيل انسياب حركة المواصلات العامة أو هكذا قيل. لكن معتمد محلية الخرطوم اللواء “عمر نمر” قال إن اللجنة أوصت باعتماد مشروع النقل الطارئ الخاص بتشغيل المركبات العامة والخاصة بالمواطنين لمن رغب في العمل لنقل الركاب، بجانب معالجات أخرى.