هل أنتم جاهزون ؟!
تدافع مئات الآلاف من المواطنين منذ ساعات مبكرة من صباح أمس صوب الساحة الخضراء بالخرطوم ، لتأكيد موقفهم الداعم للشرعية القائمة في البلاد ، واستقرار الأمن والسلام في كل ربوع الوطن ، وفي ذات اليوم واصل المحتجون مسيراتهم في أم درمان للأسبوع الثالث .
كان خطاب الرئيس “البشير” في الساحة الخضراء عقلانياً ومؤدباً ، خلاصته أن (اتفقوا .. وحدوا صفوفكم .. نظفوا صفوفكم .. جهزوا أنفسكم لنسلّمكم السلطة) .
فهل هذه الأحزاب والكيانات المعارضة جاهزة الآن لاستلام السلطة ، وإعلان رئيس مجلس السيادة ورئيس الحكومة ووزرائها ، أم أننا سننتظر كما انتظر أخوتنا اللبنانيون (عامين وخمسة أشهر) لكي يتفقوا على العماد “ميشيل عون” رئيساً للجمهورية في العام 2016 ، بعد فترة فراغ دستوري غير مسبوقة في المنطقة العربية ؟!
بسبب الخلافات السياسية والطائفية ظل منصب رئيس الجمهورية في لبنان شاغراً لعامين ونصف العام، رغم أن الرئاسة معقودة بالاتفاق والعرف للطائفة (المارونية) المسيحية ، فلم يتفق حتى الموارنة على رئيس !!
ويتجدد المشهد المرتبك اليوم وغداً وبعده في ذات البلد الديمقراطي جداً حيث فشل رئيس الوزراء المكلف السيد “سعد الحريري” في تشكيل حكومته منذ (7) شهور ، بعد انقضاء الانتخابات ، والسبب خلافات القوى السياسية والطائفية في لبنان !!
نحن لا نريد أن نجرب المجرّب ، فبلادنا لا تحتمل بهشاشة تركيبتها السياسية والاجتماعية امتحانات ليبيا ، سوريا ، العراق واليمن ، كما أنها أيضاً لا تحتمل تجربة (سيولة ديمقراطية) كما هو الحال في لبنان ، وكما كان حالنا في السودان في الفترة من 1985 إلى العام 1989 م .. تاريخ استلام (الإنقاذ) للسلطة .
هذه المحاذير يجب أن ينتبه لها جيداً الشباب المحتجون هذه الأيام في الخرطوم وبقية مدن السودان .
جميعنا متفقون على مبررات الاحتجاج بسبب سوء الأوضاع المعيشية ، لكننا غير متفقين على منهج وطريقة وإجراءات التغيير ، فظروف بلادنا بالغة التعقيد لا تقبل شعار ( تسقط بس) ..دون شروح وتوضيحات .
لابد من الاحتكام إلى منهج ديمقراطي في التغيير ما دام أن الهدف هو الديمقراطية ، وليس الخبز .
استمرار الاحتجاجات وحده لا يسقط النظام ، فلابد من التداعي إلى حوار سياسي بين مكونات السياسة للمحتجين ليكونوا (جاهزين) ، كما دعاهم “البشير” .
فهل أنتم جاهزون .. أم سننتظر عامين ونيف لنتفق على رئيس جمهورية ورئيس حكومة انتقالية ؟!