من لمورد السياحة بالترقية؟
قبيل أسابيع جلست إلى أحد مسؤولي الثقافة والسياحة للاستنارة ببعض الجوانب المتعلقة بالسياحة توطئة لمشروع دراسي، وتفضل مشكوراً بمدى بما لزم توضيحه من إشراقات وكذا معيقات لتسويق السياحة في السودان ومن بينها أنه وحتى نحول السياحة لروافد اقتصادية فذاك ليس بالأمر الهين لو لم نتجاوز المشاكل الأمنية، لأن أول ما يخطر للسائح قبل زيارة أي بلد هو أن تكون بالضرورة آمنة لا حرب فيها ولا تطرف وجهاد وغيره.
لذا وبعد الأحداث المتكررة التي ظلت تلازم الشقيقة مصر مستهدفة للسياحة والسياح من قبل المتطرفين والإرهاب ، وتصيب بذا السياحة في مقتل وهي الأكبر قبلة للسياحة لم تتمتع به من مقومات سخرتها وأعدتها كما ينبغي حتى تصبح أكثر جاذبية وعليه ونسبة لتضعضع الأمان يفترض أن توجه القبلة للسودان لما يتمتع به أيضاً من إمكانيات لا تقل عن تلك إن توفرت لها ذات إمكانيات التأهيل والتسويق.
قلت إن واحداً من أهم مقاصد السياحة هو توفير الأمان أو استشعار السائح به ، وحيث إننا شبه تجاوزنا لهذه المعضلة على الأقل بعد استقرار الأوضاع في دارفور التي كانت علكة في الأفواه يضطلع بها الغرباء ويستغلونها كمذمة وانتقاص، وبعد طي هذا الملف كان لابد من العمل على إنعاشها، لكن وبدلاً عن ذلك ها هم مواطنونا بالداخل والخارج بصورة أكبر بقصد أو بغيره يستخدمون الإعلام كمعول هدم من خلال الترويج لعدم الأمن والاستقرار هذه الأيام وتغذية الإعلام السالب بصور مقيتة عن الأوضاع في السودان لا توجد سوى في خيالهم المريض، وإن كان هؤلاء يتخذون سوء الأوضاع الاقتصادية كمسوغ لثورتهم أو خروجهم للشارع فإنهم بذا يضرون بالاقتصاد ويضربونه في أهم مورد وهو السياحة.
(2)
وحيث أن السياحة تعتبر أهم مورد اقتصادي ناعم كونها لا تنضب ، فمن مطلوبات الدولة عمل موازنة ما بين الأمن والاقتصاد، وما بين تسويق السودان كجاذب سياحي سيوفر نقداً على المدى البعيد. وحيث أن ذلك يكلف الدولة ما يعادل ميزانية جيش أو كما وصفها محدثي ينبغي لها فتح الباب وتسهيل الإجراءات ودعوة مستثمرين وطنيين للعمل فيها، وهو ذاته المقترح الذي دفع به بروف (علي شمو) وأنا أجالسه لذات مشروعي، وقبل أن تنقضي أسابيع على ذلك بشرنا السيد (وجدي ميرغني) وهو يوقع اتفاقية في ذات الإطار مع الولاية الشمالية ولا غرو في ذلك، فقد عودنا هذا الرجل الوطني المساهمة الفاعلة في دفع عجلة الاقتصاد من خلال المشاريع الزراعية أولاً ثم السياحية ثانياً وقد أعد لذلك العدة والعتاد ما يشي بطفرة سياحية قادمة، فهلا سار في دربه بقية الرأسمالية الذين ظلوا ينتفعون على حساب المواطن دون أن يكون للدولة والوطن نصيب؟ من يا ترى سيدق صدره ويسهم في ترقية مورد السياحة وليس الإضرار به إعلامياً؟