نتمنى أن يتم حل مشكلة السيولة كما وعد محافظ بنك السودان المركزي د. “محمد خير الزبير” أبريل من العام الجاري.. المشكلة التي أرقت الاقتصاد السوداني ورسمت صورة قاتمة لمستقبل الاقتصاد بالبلاد، خاصة وأن كل القطاعات الإنتاجية بالبلاد تعتمد من بعد الله سبحانه وتعالى على السيولة وضخها في الوقت المناسب.. هذه المشكلة برزت للسطح منذ فبراير من العام المنصرم، وما زالت ماثلة بالرغم من الوعود الحكومية بحلها، بعد أن حدد (8) أسابيع فور إعلان حكومة الوفاق الوطني (النسخة الثانية).. والـ(8) أسابيع انقضت وجاءت أسابيع أخرى كثيرة بعدها وانقضت، لكنها لم تُحل، كما أننا حتى الآن لم نتعرف رسمياً على المشكلة الحقيقية لانعدام أو شح السيولة، حتى حدثت ربكة في ديوان العمل، خاصة وأن الموظفين باتوا يذهبون باكراً إلى المصارف من أجل الحصول على رواتبهم لأنها يتم (إنزالها) مصرفياً تمهيداً للانتقال إلى الدفع الإلكتروني.. يصطفون من أجل الحصول على (300) أو (500) جنيخ خلال اليوم ومن ثم يرجعون مرة أخرى للمصارف اليوم التالي.. ولا يحصلون على حقهم الشرعي.
لا أظن أن المشكلة ستحل طالما الثقة انعدمت بين المصارف وجمهور المتعاملين معها.. فالتحدي الآن هو إعادة الثقة أولاً قبل كل شيء، فانعدام الثقة ولّد الفرار من الإيداع بالبنوك ولجأ العملاء إلى تخزين أموالهم (بالبيوت) بالرغم من أنها وسيلة غير آمنة مقارنة بالبنوك، لكن هذا الخيار هو الأمثل لهم خاصة إذا كان العميل بحاجة إلى حركة أموال يومية.. وفي الأشهر الماضية، ونتيجة لانعدام هذه الثقة كان السحب أكبر من الإيداع حتى فشلت جميع الخطط الرامية لإعادة الثقة.
ميثاق الشرف الذي وقعه اتحاد أصحاب العمل السوداني بمبادرة من الغرفة التجارية والذي حمل اسم (ايداع)، نتمنى أن يتم عبره إرجاع الثقة، على أن يلتزم البنك المركزي بالمقابل بما نص عليه الميثاق، والذي أكد ضرورة سحب الأموال متى ما كانت هنالك حاجة، ومن ثم إعادة تدويرها مرة أخرى.
رفعت موازنة الدولة للعام 2019م شعار (الإنتاج والصادر)، وربما لا يتحقق، خاصة أن الإنتاجية ذات علاقة كبيرة جداً بالأموال كما أشرنا لذلك.
فلنتفاءل ونقول (مشكلة السيولة أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الحل)، فأبريل اقترب ونحن في انتظاره، وفي انتظار أن تحل عبره مشكلة السيولة.. وحينها سنودع أكذوبته التي عرف بها.