القيادي بالمؤتمر الشعبي عضو المجلس الوطني مهندس “يوسف لبس” في حوار مع (المجهر) (1- 2)
سبب تفاقم الأزمة أن المؤتمر الوطني لم يلتزم بمخرجات الحوار الوطني!
المؤتمر الشعبي مع قضايا الشعب وليس مع إزاحة الحكومة القائمة بالطريقة الخشنة
الموازنة الجديدة ركزت على التحصيل الضريبي والمنح الخارجية وهذا لا يحل الأزمة الاقتصادية!
المشكلة الحقيقية هي عدم ولاية وزارة المالية على المال العام!
حوار- سوسن يس
شهدت الساحة السياسية، احتجاجات ضد الحكومة في الولايات، والعاصمة، وصفت بالأعنف، بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية وانعكاسها على سعر السلع الاستهلاكية خاصة الخبز، مما دفع الحكومة إلى إعلان دعم جديد لدقيق الخبز بواقع (600) جنيه للجوال لامتصاص غضب الشارع.. (المجهر) جلست مع المهندس “يوسف لبس” في حوار عن الراهن السياسي وموقف حزب المؤتمر الشعبي من الأزمة، بوصفه الشريك الأكبر في الحكومة، فإلى نص الحوار..
# باشمهندس “يوسف لبس”.. كيف تقرأ المشهد السياسي الآن؟
– المشهد السياسي هو مشهد لا أقول قاتماً، ولكنه صعب، وهذا بسبب الأزمة الاقتصادية التي انعكست على حياة الناس، وأصبحت لا تطاق، وكما شاهدت في الأيام الفائتة الاحتجاجات التي اجتاحت شوارع السودان، ولا أقول شوارع العاصمة.. وهذا حق مشروع للمتظاهرين وحق ثابت بالقانون وبالدستور فمن حقهم أن يعبروا عن أنفسهم وعن رفضهم للآثار المنعكسة عليهم بسبب الوضع الاقتصادي المتردي. وفي تقديرنا نحن بالنسبة للوضع السياسي الماثل، حتى لو سكتت الاحتجاجات فإن المشكلة لا تطاق ولابد من حل للمشكلة، وفي تقديري الحل صعب، لأن سياساتنا بدلاً عن أن تتجه للإنتاج تركز على مسألة الضريبة والمنح الخارجية، كما في الميزانية الجديدة التي ركزت على التحصيل الضريبي والمنح الخارجية وهذا لا يحل الأزمة الاقتصادية.. حل المشكلة يكون بالاتجاه للإنتاج، فلو اتجهنا للإنتاج الزراعي حتى ولو عانينا في العام الأول ففي العام التالي سيكون الوضع أفضل وفي الذي يليه سنكون أحسن حالاً من سابقه وهكذا حتى نخرج إلى بر الأمان، وهذا لا أراه الآن في الأطروحة الموجودة وبالتالي (حالتنا ستكون صعبة).
# على قولك حتى ولو هدأت الأحوال وسكتت الاحتجاجات فالمشكلة ستظل قائمة لأن المشكلة تحتاج حلاً جذرياً والحل الجذري الآن غير متوفر وليست هناك الآن رؤية لأيّ منها؟
– صحيح.
# لكن الغريب يا باشمهندس “يوسف” أن لا تشتمل حلول مؤتمر الحوار الوطني على حل جذري للأزمة الاقتصادية فالحوار الوطني لم يرسم سيناريو لحل جذري ولم يضع رؤية ولم ينتج حلولاً جذرية لا للمشكلة الاقتصادية ولا لأية مشكلة من مشكلات البلاد القائمة؟
– أبداً.. بالنسبة للحوار الوطني نحن في حزب المؤتمر الشعبي بالتحديد، الأوراق التي قدمناها كانت مركزة جداً على أطروحة الحلول ولكن السبب الأساسي الذي جعل الأوضاع تتردى هو أن المؤتمر الوطني لم يلتزم بما جاء في مخرجات الحوار الوطني. ونحن ما زلنا حتى هذه اللحظة نصر على أن حل الأزمة الاقتصادية الموجودة في البلاد يكون بتطبيق مخرجات الحوار الوطني بحذافيرها. هذا هو الحل الوحيد.. الحزب الحاكم حاول أن (يختار الشيء البينفع معاه من مخرجات الحوار) ويضعه في قائمة التنفيذ و(المخرجات الحارة بالنسبة ليه البكون فيها دفع ثمن يضعها بالجنبة)، وهذا هو ما خلق الأزمة.. فعدم تنفيذ مخرجات الحوار الوطني هو السبب الحقيقي الذي خلق الأزمة.
بالنسبة لنا نحن في المؤتمر الشعبي وخاصة في ما يلي الأزمة الاقتصادية استعرضنا كل البدائل التي يمكن أن تتخذ كي نستطيع الخروج من الأزمة الاقتصادية الموجودة، ولكن حتى هذه اللحظة لم يطبق ولا (1%) من الطرح الذي قدمناه.
فقط ما طبقوه هو شكل الميزانية الجديدة، فنحن نادينا العام الفائت بأن تكون الميزانيات ميزانيات برامج وليس ميزانيات بنود وذلك حتى يتمكن الناس من المحاسبة والمراجعة، فميزانيات البنود لا تعطي النتيجة الحقيقية، ومن الممكن أن يتم التحايل ويتم صرف الأموال في أشياء أخرى. الآن نعم صحيح هم طبقوا ميزانية البرامج ولكن بعد تطبيق ميزانية البرامج إذا الميزان التجاري لم يتوازن فأنت لا يمكن أن تتنبأ بحدوث تحسن حقيقي في المجال الاقتصادي.
# إذن انتهاج ميزانيات البرامج كان ضمن مقترحاتكم وتوصياتكم التي طرحتموها؟
– نعم نحن في طرحنا قلنا إن الميزانيات يفترض أن تكون ميزانيات برامج حتى تستطيع أن ترصد المبالغ المخصصة للمشاريع، وتستطيع أن تقوم بالمحاسبة والمراجعة وهذا ما لا تتيحه ميزانيات البنود، والتي هي ميزانيات فضفاضة ومن الممكن أن يتم صرف الأموال فيها في أي شيء آخر.
# لكن حل الأزمة الاقتصادية في مثل أوضاعنا الماثلة لا أعتقد أنه يكون في نوع الميزانيات برامج أو بنود؟
– صحيح.. صحيح.. يكون بالإنتاج.
# وأيضاً هناك سياسات اقتصادية موجودة كفيلة بأن تفرغ أي ميزانيات من مزاياها مهما كانت ميزانيات أفضل.. ألا ترى ذلك؟
– أكبر مشكلة تعاني منها الميزانيات هي عدم الالتزام ببنود الميزانية، بالإضافة إلى أن وزارة المالية لا ولاية لها على المال العام.. هناك جهات سيادية تفرض نفسها وتقوم بصرف المال العام وحقيقة هذه أكبر مشكلة. فإذا كانت الولاية على المال العام كلها بيد وزارة المالية فهي يمكن أن تحاسب ويمكن أن تراجع، ويمكن أن تضع النقاط على الحروف ولكن إذا كان هناك صرف خارج ولاية الوزارة وخارج يد الوزارة فهذه ستكون مشكلة وهذه هي المشكلة الحقيقية.. ونحن نرى أنه حتى هذه الموارد القليلة الموجودة إذا أصبحت هناك شفافية في إدارتها وإرادة سياسية فإن الحال كان سيكون أفضل من هذا الحال الماثل الآن.
# باشمهندس أين يقف المؤتمر الشعبي الآن بالضبط وإلى أي الطرفين هو أقرب.. إلى طرف الشارع الذي يحتج ويتظاهر أم إلى طرف الحكومة التي تسببت في الأزمات التي دفعت الشارع للاحتجاجات؟
– المؤتمر الشعبي وطوال تاريخه كله ومنذ تأسيسه مع قضايا الشعب ليس هناك شك في هذا أصلاً.. يقف مع الشعب قلباً وقالباً لأن الإنسان الذي يخرج ليقول إنه جائع ويريد الدواء وإنه يريد احتياجاته الأساسية لا يستطيع أحد أن يتنكر ويقول له لا ما عندك حق تخرج ولا عندك الحق للمطالبة بهذه الأشياء!
ولكن القوى السياسية إذا كان لديها طرح لإزالة الحكومة القائمة بهذه الطريقة الخشنة فهذا نحن لسنا من أنصاره، وقلناه (من بدري)، إزالة الحكومة القائمة بهذه الطريقة الخشنة تجر البلاد إلى ويلات، نحن لا نستطيع أن نقرأ النتائج التي يمكن أن تنتج عنها وهذا هو السبب الأساسي الذي جعلنا نلجأ للحوار الوطني.. نعم الشعب عنده الحق (ممكن يسقط الحكومة وممكن يعمل احتجاجات وممكن يعمل أي شيء)، ولكن البرامج التي تتحدث عنها بعض القوى السياسية الآن هي ضد مخرجات الحوار الوطني ونحن لسنا جزءاً منها، ولكن من حق الشعب التعبير والمطالبة بحقوقه هذه.. ونحن نقف معه فيها قلباً وقالباً.