بلادنا لا تحتمل المزيد من السقوط
ما شهدته البلاد من احتجاجات خلال الأيام العشرة الماضية ، هي بمثابة جرس (إنذار بالخطر) لقيادة الدولة والمؤتمر الوطني ، فإما أن تستوعب الرسالة ، وتفيد بعِلم الوصول ، كما أكد الدكتور “نافع علي نافع” ، أو أن تصر على المزايدة والمكابرة وتدعي أن الشعب لم يتجاوب مع المعارضة ، وأنها تظاهرات محدودة وأعمال تخريبية ليس إلاّ ، فيحدث في مقبل الأيام والشهور ما لا يُحمد عقباه .
بالمقابل ، فقد كشفت هذه الاحتجاجات عن ضعف الأحزاب والقوى السياسية المعارضة، بمختلف كياناتها وتنظيماتها ، إذ فوجئت جميعها بهذا الحراك الشعبي مجهول القيادة ، تماماً كما حدث في سبتمبر 2013 ، فتأخرت مرة أخرى في توجيهه وتنظيمه والبناء عليه لتحقيق التغيير ، باستثناء حركة الظهور الإعلامي المكثف عبر الإذاعات والفضائيات العربية والدولية ، وحتى هذا الظهور على هذه المنابر كان يعبر عن أجندات الدول وأجهزة المخابرات صاحبة الامتياز في ملكية تلك القنوات ، أكثر من تعبيره عن قوى المعارضة السودانية .
حتى الآن ، ليس هناك رمز أو زعيم سياسي اتفقت عليه كل قوى وتنظيمات وتيارات المعارضة ، ليكون الرمز البديل و(القائد المخلًص) ، فحاولوا الاحتماء دائماً بما يسمونه (البرنامج الديمقراطي البديل) ، ولكن على مر العصور في التأريخ القديم والحديث للشعوب ، يبرز دائماً قائد مُلهم يقود الأمة نحو التغيير ، مثل “غاندي” في الهند ، و”مانديلا” في جنوب أفريقيا ، والإمام “محمد أحمد المهدي”، والزعيم “الأزهري” في السودان ، والرئيس “عبدالناصر” في مصر .
وبمثل ما كانت الاحتجاجات الأخيرة درساً قاسياً للحكومة ، فهي درس بليغ لقوى المعارضة ، أن تعلموا وتنظموا .. واتفقوا على قيادة جديرة بحمل آمال وأحلام وتطلعات الشعب السوداني .
فهل وعت حكومتنا الدرس بما يكفي وبما لا حاجة معه للمزيد من الاحتجاجات ؟
وهل استوعبت المعارضة أنها غير جاهزة للتغيير ، ولا للمنازلة الديمقراطية الحرة النزيهة بتقديم زعيم (واحد) متفق عليه مرشحاً لرئاسة الجمهورية في مواجهة مرشح المؤتمر الوطني وحلفائه ، كما هو الحال في الولايات المتحدة ، بريطانيا ، فرنسا وكل دول العالم المتقدم ، حيث يتنافس على رئاسة الجمهورية أو رئاسة الحكومة مرشحان أساسيان وليس عشرين مرشحاً ، كحالنا في السودان ؟!
أرجو أن يكون الجميع قد استوعب الدرس ، فبلادنا لا تحتمل المزيد من الامتحانات .. لا تحتمل المزيد من السقوط .
سبت أخضر