{ من المعلوم أن الاعتراف بالخطأ ليس دليل ضعف أو فشل بل إنه القوة التي تقودك بقوة إلى دائرة الاحترام والتقدير، ومجرد الاعتراف بالخطأ أو جملة الأخطاء ومن ثم المطالبة بالبحث عن السبل الناجعة للرجوع عن تلك الأخطاء، كل هذا يحتاج إلى قوة شخصية تجبر النفس للرجوع إلى الحق ومحاسبة الذات وهذه القوة بالتأكيد لا تتوافر إلا عند شخص يملك صفة الشجاعة.
{ وددت بهذه المقدمة أن أحيِّ شجاعة الدكتور “عبد الرحمن الخضر” رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني، الذي أعلنها داوية بأن (أسباب اندلاع الاحتجاجات صنعته أيدي الحكومة وحزب المؤتمر الوطني) بتباطئها في معالجة تدهور الأوضاع الاقتصادية بالبلاد، مما انعكست سلباً على الأوضاع المعيشية للمواطنين ونتج عنه الضائقة المعيشية وتفاقمت بتراكم أزمة شح السيولة وانعدام الخبز والوقود، وكانت النتيجة هذا الاحتجاج المدوي وطالب “الخضر” قيادات حزبه للاعتراف بهذه الأخطاء وعدم دفن الرؤوس في الرمال بل الإسراع لمواجهة تداعيات الأحداث الاحتجاجية وأخذ العبر والعظة منها واستلهام الأفكار والخطط والبرامج لتلافي تكرارها مستقبلاً كما أقر “الخضر” بالأزمات ووصفها بالعميقة ولا يمكن إنكارها وينبغي التعامل معها بجدية وإيجاد الحلول الجذرية لها.
{ حقا “الخضر” يستحق التحية على هذا الاعتراف بالأخطاء والإقرار بالأزمة والدور الباقي على الجهات التنفيذية العليا للعمل بجدية للبحث عن حلول جذرية عاجلة لمجموعة (الأزمات) المتوالية والتي أوصلت اقتصادنا إلى هاوية الانهيار وأدت إلى ضغوط لا تحتمل فجرت غضبة الشعب.
{ أما الحديث الغريب والمعيب والمحبط والمخجل هو الذي جاء في تصريحات والي نهر النيل، اللواء حقوقي “حاتم الوسيلة”، والتي أبرزتها بالأمس الزميلة (آخر لحظة) في (مناشيتها الأول الأحمر) حيث جاء كالآتي (والي للمركز) : (قادر أوفر الخبز والوقود وما تسألوني من وين) وهو بالتأكيد تصريح غير مسؤول من مسؤول ويستحق عليه هذا الوالي المحاسبة على الأقل بالإقالة والإعفاء من المنصب، لأن الوالي “الوسيلة” إذا كانت فعلاً لديه القدرة على توفير الدقيق والوقود والعُملة الحُرة لولايته، فلماذا لم يخطر المركز بقدرته الخارقة هذه من قبل، ويطلب الإذن الآن من الحكومة بعد خراب مالطا و(دمار عطبرة) لماذا لم يطلبه قبل أن تندلع الاحتجاجات التي اشتعلت في الأول من قبل ولايته ثم انتقلت شرارتها إلى بقية الولايات.
{ أي والله هكذا قالها الوالي “الوسيلة” بالواضح الفاضح وحسب ما ورد في حديثه الغريب (إذا المركز ما قادر يوفر الدقيق والوقود، أنا بوفرو فقط يعطوني الإذن وما يسألوني جبتو من وين)!!..
{ إذا كانت الغاية تبرر (الوسيلة) فلا اعتقد أن هناك غاية أعظم من توفير لقمة العيش للمواطن البسيط، علماً بأن (الإطعام من الجوع ارتبط في ديننا الحنيف ببسط الأمن) (أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) وبسط الأمن في هذه الظروف يعني حقن الدماء وهي غاية كان يفترض أن تجعل الوالي (الوسيلة) يستعجل ويهرول بالخطوة السريعة إلى المركز لكي يطرح (وسيلة) قدرته على التوفير مطلوبات المواطن التي قادته إلى غضب الحريق .!!
{ ثم إن عبارة (وما يسألوني جبتو من وين.. حقا إنها عبارة معيبة لا يجب أن تصدر من شخص راعٍ ومسؤول عن رعية وكمان يحمل صفة (حقوقي)..
{ حقاً من أين أتى هؤلاء؟؟.. والأزمة مكانها وين؟؟ ..!!