رأي

بكل الوضوح

حرب الجنوبمحاولة اغتيال كل الجمال!!
عامر باشاب

{ قبل أيام معدودة وصلتني دعوة كريمة من صديق عزيز من جنوب السودان، مستر “ديفيد”، لتناول إفطار (كرامة وسلامة) بمناسبة شفاء وسلامة أحد أقاربه تجاوز محنة قاسية بعد أن أجريت له عملية جراحية ناجحة.
{ بكل الحب لبّيت تلك الدعوة، وكان أن جمعتني مع مجموعة من أرقى وأنقى أبناء جنوب السودان الذين شتتهم الحرب اللعينة والصراعات المدمرة حول السلطة والتي ما زالت دائرة في جوبا وما حولها بكل العنف.
{ تلك الدعوة أكدت لي أن شعب الجنوب ما زال يتمسك بعادات وتقاليد تؤكد كرمهم وتحضرهم ورقيهم، حيث لفتت انتباهي الطريقة المهذبة التي قدمت بها إحدى فتيات الجنوب الوجبة (صينية الإفطار) للضيوف المدعوين.. حقاً هذا المشهد الراقي جعلني استفسر عنه صديقي “ديفيد” فأكد لي أن من بين الأعراف والتقاليد الشائعة عندهم في القبيلة أهمية إطعام الآخرين بيديك وعبر طقوس خاصة، ولابد أن تجلس على الأرض بانحناءة وقورة تدل على احترامك وتقديرك لضيوفك وأنت تقدم لهم الطعام بلطف أياً كانت مناسبة الدعوة.
{ وعلمت فيما بعد أن هذه القيم الاجتماعية مثل كرم الضيافة وإنتاج أصناف متعددة من الطعام وطريقة تقديمه ما زالت باقية وراسخة في المجتمعات القبيلية هناك منذ قديم الزمان، وهي تبرز وتعكس دور المرأة الجنوبية وتؤكد مكانتها المقدرة في المجتمع.
{ حقاً كل هذا الجمال القيمي والأخلاقي يجعلنا ندعو كل القيادات الجنوبية، خاصة المتصارعين على الثروة والسلطة وفي مقدمتهم الرئيس “سلفاكير” ونائبه السابق دكتور “رياك مشار” ندعوهم أن يحتكموا إلى صوت العقل ويجتمعوا على طاولة السلام، ويوقفوا هذه الحرب اللعينة التي قضت على الأخضر واليابس في أرض الجنوب.. حطمت مزارع الأبباي، وحرقت غابات الأبنوس وقلوب كل أبناء الجنوب بمختلف انتماءاتهم القبيلية وما زالت مستمر في الحريق والدمار لتقضي على كل الجمال، جمال طبيعة المكان وجمال خصال ونبل الإنسان هناك.
{ وليعلم كل المتصارعين هنا وهناك أن هذه النزاعات الدائرة حتى الآن المستفيد الوحيد منها هم أعداء السودان الكبير الذين لا يريدون استقراراً لهذه البلاد في كل اتجاهاتها.. لأنهم يعلمون أن استقرار السودان جنوباً وشمالاً يعني النهضة والتطور والعمران والتقدم الذي يؤهلنا لقيادة أفريقيا، وهذا ما لا يريده أعداؤنا.
{ أكبر دليل على ذلك الانفصال لم يحقق للجنوب الاستقرار ولا حتى للشمال!!

.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية