أحيانا نتنازل عن جزء منا بمرارة لأجل استمرارية الأجزاء الأخرى… كأن نختار التضحية باللوزتين لأجل سلامة القلب والمفاصل أو الكلى….
أو أن نوافق ونقر على استئصال الزائدة الدودية متى ما تضارب وجودها مع عافية جسدنا…
أو أن توقع على استئصال جزء منك لأنه يضر بالأجزاء الأخرى….
إذ أن الضرورة تبيح المحظور….والضرر يرفع الحرج….
مر كل هذا بخاطرتي وأنا أجلس أمام إحدى السيدات وهي تفصد رأسي لتستخرج دمي أو الفاسد من دمي وأنا ألعب دور المتفرج….
أحسست أن هذا الدم الخارج من رأسي خائن جداً…أحسسته هو سبب النسيان الذي يعتري ذاكرتي بكثافة….أحسسته سيد الصداع الذي يتراكم أمام صدغي كما يتراكم الشعب السوداني أمام كل مكان منفعة في هذه الأيام….
وربما كان هذا الشعور سبباً في ثباتي ورباطة جأشي التي جعلت تلك المرأة تشيد بي أمام أهل بيتي..
الدم الذي لا يحملك في معيته…يستحق أن يطرد بهذه الطريقة البشعة…يستحق أن تنتهك كرامته وأن يستخرج من عميق بيته…من كل حدب وصوب فيّ؛ لأنه أبطأ سيرك في كرياتي….وتكالب مع الزمن ضد أن تصل إلى القلب بأقصى سرعة للنبض….
يرتفع معامل اللزوجة في الدم بسبب قلة شرب الماء
…معلومة علمية .. غير أن لزوجة الدم عندي ترتفع إن لم تكن أنت حاضراً بين كل نخاع عظمي في جسدي….تتشكل مع كل خلية دم جديدة كي تمنحها حق العبور…
أنا مدينة لك بعافيتي…وأنت مدين لي بنبضك ….
إذن لا فرق..فكلانا مدين للآخر بالحياة .