النهب في هبيلا
جاء اختيار الجنرال “أحمد إبراهيم مفضل” لاعتبارات أمنية محضة لولاية حاجتها للأمن أكثر من التنمية والجدل السياسي، وهي ولاية مرشحة لاندلاع الحرب في أي لحظة نظراً لهشاشة الأوضاع.. ووقف إطلاق النار المعلن منذ سنوات غير ملزم للأطراف التي لم توقع على اتفاق بذلك، ولكنها اختارت وقف إطلاق نار من منصة السياسة.. دون رقيب دولي أو إقليمي ولا قوات تفصل بين المحاربين ولا جهة تحصي وتسجل الخروقات التي تحدث.. ومنذ اندلاع الحرب في ستة ستة تعاقب على جنوب كردفان أربعة ولاة، ثلاثة منهم مرجعياتهم عسكرية وأمنية.. وأخرهم الفريق “أحمد إبراهيم مفضل” الذي جاء اختياره بعد تحميص دقيق.. وتمددت مساحة التفاؤل والأمل بأن الجنرال قادر على حفظ الأمن والقضاء على ظواهر النهب المسلح التي انتقلت من دارفور إلى كردفان الجنوبية، كما تنبأت بذلك مجموعة الأزمات الدولية قبل خمس سنوات من الآن.. وها هي أحداث النهب تطل برأسها وتهدد المشاريع الزراعية في منطقة هبيلا، التي تمثل واحدة من أغنى الأراضي.. وبعد أن حصل المزارعون على التمويل والجازولين.. وهطلت الأمطار من رب السماء بمعدلات قياسية.. وقبل أن يحصد المزارعون عرق جبينهم هجمت عناصر النهب المسلح على المشاريع الزراعية وخطفت اللقمة من أفواه أصحابها.. وبقوة السلاح تهاجم عناصر النهب المشاريع الزراعية في رابعة النهار والشمس في كبد السماء.. تروع العمال.. وتنهب حصاد المزارعين من السمسم.. وتحرق (الكنابي) وتطلق الرصاص على من يقاوم وتستولي على الهواتف.. وتمارس الإذلال للرجال الشرفاء في غياب الدولة وعجزها عن حماية المزارعين.. وقد عبر “حسن حسين الغائب” وهو قيادي في المؤتمر الوطني ومعلم بوزارة التربية، أفنى زهرة شبابه متنقلاً بين المدارس، وأخيراً لجأ لزراعة الأرض لسد حاجته.. عبر عن حال مئات المزارعين بهبيلا الذين زرعوا وحصد (الحرامية) زراعتهم.. وأطلقوا الصيحات ولا مجيب لصرخة المزارعين.. والسلطات الرسمية غائبة عن مسرح الأحداث، المعتمد لا حول له ولا قوة.. لا خيل عنده يهديها ولا مال، والشرطة في هبيلا لا تستطيع مقاومة النهابين.. والذين يفوقونها عدة وعتاداً.. يمتطون ظهور الجمال ويهاجموهن بأعداد كبيرة (كنابي) المزارعين.. وحتى في داخل هبيلا يُغتال أصحاب المال، ويتم خطف الهواتف من أيادي المواطنين.. كل الذي يحدث من انفلات أمني وتمرد على سلطة الدولة تقوم به عناصر من الداخل.. لا شأن للتمرد والحركة الشعبية بما يحدث في هبيلا من أعمال نهب وسلب.. وما ينهب من المزارعين يباع في أسواق المحاصيل جهراً.. فأين هي حكومة الجنرال “مفضل”؟ ، وهل يستطيع الجنرال محاربة عناصر النهب كما كان يفعل مولانا “أحمد هارون”؟ ، ولماذا لا تحمي الدولة المزارعين الذين يدفعون الضرائب والزكاة ويتبرعون لزاد المجاهد ولدعم الجرحى وللسلام ولا نصيب لهم من الطمأنينة والسلام؟ وهل إنتاج المزارعين ثروة خاصة أم ثروة لكل السودان؟ ومتى يتدخل المركز لحماية المزارعين من فوضى النهب والسلب في جنوب كردفان؟