جلسة مثيرة في قضية استيراد هيئة مياه الخرطوم لمادة تنقية مياه مسرطنة
تضارب في نتائج الفحص والمحكمة تطلب "عبد الرحمن الخضر" ووزير المالية الأسبق
الخرطوم ـ المهدي عبد الباري
أثارت قضية هيئة مياه ولاية الخرطوم المتعلقة باستيراد مادة تنقية للمياه غير صالحة للاستخدام، جدلاً إعلامياً واسعاً، وطبقاً لتقارير ومستندات مودعة أمام محكمة الموضوع أن المادة تسبب أضراراً صحية بالمواطنين، حيث مثل أمام محكمة جرائم الفساد أمس، عدد من الأعضاء السابقين بالهيئة ووزراء سابقين بولاية الخرطوم في عهد الوالي الأسبق “عبد الرحمن الخضر”، كشهود دفاع في قضية اتهام مدير عام هيئة مياه الخرطوم الأسبق ومدير شركة الرازي بتوريد مادة تنقية مياه مسرطنة، أشارت إفاداتهم بتورط والي ولاية الخرطوم الأسبق “عبد الرحمن الخضر” وحكومته في توريد مادة الباك المسرطنة لتنقية مياه العاصمة.
}لجوء مدير عام الهيئة إلى الوالي وحكومته
ترتبت أقوالهم كشهود دفاع على المتهم الأول مدير عام الهيئة، أنه قد لجأ إلى والي الولاية الأسبق “عبد الرحمن الخضر” وحكومته، عندما اتضح له أن المادة الباك المستوردة عبر شركة الرازي غير صالحة للاستخدام، وطلب من حكومة الولاية إصدار قرار حولها، حيث وجه الوالي بترحيلها وتخزينها بمخازن هيئة مياه الخرطوم.
من ناحية أخرى أشاروا إلى أن تقرير اللجنة العلمية بالهيئة الذي يعتبر أساس الدعوى، فقد مصداقيته مجرد وصوله للإعلام.
}ملابسات العقد
مساعد المدير العام للشؤون الإدارية والمالية بهيئة مياه الخرطوم، “محمد الحسن” قال في شهادة دفاعه أمام محكمة جرائم الفساد بالخرطوم جنوب، برئاسة القاضي “فهمي عبد الله” أمس، إن الهيئة واجهتها مشاكل مالية في تنفيذ العقد الموقع مع شركة البطريق المحتكرة استيراد مواد التنقية لمدة طويلة بالبلاد، بسبب مطالبتها للهيئة بسداد مديونات سابقة، رافضة استيراد المادة (الباك)، حيث بحثت إدارة الهيئة عن حلول بديلة للخروج من أزمة المياه، فأجرى المدير العام للهيئة (المتهم الأول)،عدة اتصالات بعدد من الولايات التي تستخدم مادة (الباك) السائلة لتقديم مساعدات لحل الأزمة التي تواجه العاصمة.
}اجتماع وزاري بمكتب الوالي السابق
وزير البنى التحتية لولاية الخرطوم الأسبق “يوسف تبن” أكد أن والي الولاية الأسبق “عبد الرحمن الخضر” عقد اجتماعاً بمكتبه ضم عدداً من وزراء الولاية والمستشارين القانونيين وأعضاء الهيئة السابقين، إضافة إلى رجل الأعمال “فضل محمد خير” مالك شركة الرازي ومديرها، بسبب تأخر استيراد مادة (الباك)، أصدر والي الولاية توجيهات بأن يتم تخليص مادة (الباك) موضوع الدعوى من هيئة جمارك بورتسودان، وتخزينها بمخازن الهيئة بالخرطوم، ونوه “تبن” إلى أن الوالي أمر بسحب عينات لفحص المادة والتأكد من صلاحيتها ومطابقتها للمواصفات، وإن لم تكن مطابقة تلتزم شركة الرازي بإرجاعها وتحمل كل التكاليف المالية، تحسباً لتعرضها للتلف والخسائر المالية من حساب الهيئة، كما اتفقت أقوال الشاهدين الأول والثاني أن الهيئة استلمت مبالغ التخليص الجمركي للمادة من مدير إدارة التنمية التابعة لوزارة المالية بالولاية، بتوجيه من الوالي.
}اعتراض المتهم الأول بعدم استيراد المادة
وأكد الشهود في أقوالهم أن المتهم الأول مدير عام هيئة ولاية الخرطوم، لجأ إلى والي الولاية وأعضاء حكومته عندما اتضح له أن المادة المستوردة بواسطة شركة الرازي غير مطابقة للمواصفات والمقاييس بحسب بنود التعاقد، مبدياً أسبابه بعدم السماح بدخولها بأن أوراق المساح الدولي غير مكتملة وشهادتها الصحية لم يتم استلامها، مؤكدين أن المتهم الأول رفض استلام شهادة التسليم، مشيرين إلى أن سبب التعاقد مع شركة الرازي أن الكمية (5) آلاف طن وأن السعر أقل من سعر شركة البطريق، كما أن الهيئة لديها مشاكل مالية.
}مهندس كيميائي يفنِّد تقرير الاتهام
فنّد الشاهد الثاني “عبد الشكور عبد الرحمن” مهندس كيميائي بجامعة الخرطوم، وعضو اللجنة العلمية لفص مادة (الباك)، تقرير الاتهام الأساسي في الدعوى، حيث أفاد بأن التقرير تم إعداده بانطباعات شخصية، وكل ما اشتمل عليه غير صحيح، مؤكداً على أن مادة البلو ألمونيوم كلورايد (الباك)، الصلبة الموجودة في مخازن الهيئة الآن، صالحة للاستخدام رغم تخزينها لمدة (8) أعوام، ولا تسبب أضراراً صحية إلا على المدى الطويل، مضيفاً أنه يستند في أقواله على تقرير استلمه من عميد كلية الرازي الطبية التابعة لـ”فضل محمد خير”، أجرته معامل جامعة الخرطوم ووزارة النفط وغيرها.
}تضارب حول تحاليل المعامل
تضاربت أقوال الشهود حول صلاحية المادة بحسب التحاليل التي أجرتها المعامل الداخلية (النفط)، والخارجية (مصرـ السعودية)، حيث أفادت التقارير التي وردت من المعامل بأن المادة غير مطابقة للمواصفات وتسبب أضراراً صحية، بينما أكد الشاهد الثاني “عبد الشكور” أن المادة صالحة للاستعمال ولا تسبب ضرراً وأنه يشكك في نتائج التحاليل التي أجرتها المعامل المذكورة أعلاه، موضحاً أن جامعة الخرطوم قامت بفحص معملي للمادة وتأكد أنها بحالة جيدة.
}تعاقد تمويل بنكي وسابق توريد
أوضح وزير البنى التحتية الشاهد الثالث، قائلاً إن الاجتماع الوزاري بمكتب الوالي خرج بأن يكون التعاقد على تمويل بنكي من بنك الخرطوم، ولم يحدد في الاجتماع شركة معينة للتعاقد معها، كما أنه لا يعلم شيئاً عن العقد الموقع مع شركة الرازي، مؤكداً أن الهيئة لم يسبق لها استخدام مادة تنقية صلبة طيلة فترة توليه لمجلس إدارتها بحكم تبعيتها لوزارته، حيث أمرت المحكمة بإعادة إعلان الشهود السابقين، بينهم “عبد الرحمن الخضر” والى الخرطوم السابق، ووزير المالية وآخرون للمثول أمامها في الجلسات القادمة.