الخرطوم : وليد النور
التأمت بقصر الاستقلال صباح الأمس بالعاصمة البلاروسية منسك، قمة رئاسية ثنائية بين الرئيس “البشير” والرئيس “الكسندر لكو شنكو”، وحط “البشير” رحالة بمنسك في زيارة تستغرق ثلاثة أيام، وحسب تصريحات صحفية لسفير السودان، بمنسك “نور الدائم عبد القادر” أن الرئيس “البشير” سيوقع على اتفاقيات في مجال الاقتصاد والتعاون الدولي، بالتركيز على التصنيع الغذائي والصناعات التحويلية، بالإضافة إلى أن منسك ستقدم قروضا للخرطوم عبر البنك الزراعي، لتشييد صوامع لتخزين الغلال، توفر أكثر من مليون طن من الحبوب. وكان الرئيس البلا روسي “الكسندر” قد زار السودان العام الماضي.
وشهد الرئيس البلا روسي و”البشير” في يناير من العام الماضي، توقيع عدد من الاتفاقيات في مجالات التعدين والنفط والإنتاج الزراعي، وعاب “الكسندر” على السودانيين بطء الحركة، ووعد بمساعدة السودان في تحسين اقتصاده، بيد أنه وبحسب خبراء فإن الاتفاقيات التي وقعت في العام الماضي لم ينفذ منها شيء يذكر، والقوا باللوم على الجانب السوداني . واعتبروا زيارة الرئيس الحالية، ربما تعمل على تنشيط الاتفاقيات السابقة، وقال المحلل السياسي والخبير الاقتصادي، دكتور “محمد الناير”، في حديثه لـ(المجهر)، إن زيارة رئيس الجمهورية إلى بلا روسيا ستعمل على تنشيط الاتفاقيات التي وقعت في العام 2017م إبان زيارة رئيس بلا روسيا إلى الخرطوم، والتي لم يطرأ عليها أي تقدم ملحوظ، وأضاف “الناير” إن “الكسندر” طرح مشروعات متميزة أمام المجلس الوطني السوداني، مشدداً على ضرورة مراجعة الاتفاقيات بصورة كاملة لاسيما أن بلا روسيا دولة متطورة اقتصاديا. مشيراً إلى أن “الكسندر” أكد استعداده لتنفيذ كافة المشروعات.
وبحث رئيس الجمهورية “عمر البشير”، مع نظيره البيلاروسي، “ألكسندر”، في العاصمة منسك، (الأحد)، سبل تعزيز وتطوير علاقات التعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين.
خاصة في مجال تصنيع الآليات الزراعية والتعاون في مجال الثروة الحيوانية. وسيوقع الجانبان – في ختام الزيارة – عدداً من اتفاقيات ومذكرات التفاهم ويصدران بياناً ختامياً لتفعيل التعاون الثنائي في المجالات كافة. وافتتح رئيس الجمهورية – خلال الزيارة – السفارة السودانية في العاصمة منسك، للتأكيد على أهمية العلاقات مع بيلاروسيا.
وتأتي زيارة رئيس الجمهورية لبيلاروسيا، في إطار الاهتمام المشترك بالعلاقات بين البلدين التي تشهد تطوراً مضطرداً تقوده اللجنة الوزارية المشتركة للتعاون الاقتصادي ولجنة التشاور السياسي. وكان البشير قد زار بيلاروسيا في يوليو 2004، بينما زار لوكاشينكو السودان في يناير 2017. وقد أعطت الزيارتان دفعة قوية للعلاقات بين البلدين في شتى المجالات، وتواصلت الزيارات المتبادلة في مختلف المستويات.
وقال رئيس بلا روسيا الكسندر لدى مخاطبته المجلس الوطني السوداني, العام الماضي نحن جاهزون لن نخون واحد ولن نخونكم, وعليكم أن تعلموا أن رئيس بلاروسيا ليس كرئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وما نعد به نوفي به (سوف نجعل عملنا معكم أكثر من عملكم مع موسكو وبكين).
وتساءل “الكسندر” عن أسباب تدهور اقتصاد بلد ينتج أكثر من (80) طناً من الذهب سنويا وبه أكثر من (100) مليون رأس من الماشية، وتساءل عن إنتاج السودان للحوم المصنعة من هذه الماشية، وأكد اتفاقه مع رئيس الجمهورية، على تشييد مصنعين للحوم لتحقيق الاكتفاء الذاتي داخليا وتصدير لأفريقيا، ومستقبلا لكل العالم وعاب على السودانيين بطء الحركة وطالب بزيادتها بنسبة (100%).
وتعهد الوفد البيلاروسي في زيارته للبلاد العام المنصرم بدعم السودان بخبراء في مجال الرصد، وإعداد الخرائط للمياه الجوفية ومحطات التنقية وحماية مصادر المياه من التلوث ومعالجة مياه الصرف الصحي، إلى جانب إنشاء شبكات المياه ومنظومات الري، وتدريب الكوادر السودانية في كل هذه المجالات.
ووقّع اتفاقية تعاون وزير المعادن السوداني، تتضمن (5) محاور هي: الاستثمار في قطاع المعادن الصناعية والزراعية والنفيسة والمعادن المصاحبة لها في مربعات بعينها، والقيام بالدراسات البيئية ودراسة التقنيات الحديثة لمعالجة مخلفات التعدين التقليدي وكيفية التخلص منها وإيجاد بدائل لها، فيما شمل المحور الثالث دعم المختبرات وتطويرها وإيجاد وسيلة للاعتماد والتعاون المشترك في جلب التقنيات الحديثة وتدريب الكادر الفني عليها، بينما تضمن المحوران الرابع والخامس التعاون في جلب واستخدام الأقمار الصناعية، والاستفادة من التجربة البيلاروسية في مجال الفضاء والاستشعار عن بُعد، والتعاون في السياسات والعمل التشريعي، وكيفية تطويرها لتكون أكثر جاذبية للاستثمار في الموارد الطبيعية خاصة الموارد المعدنية.
بعد سقوط الاتحاد السوفيتي واجهت كل الجمهوريات السوفيتية السابقة أزمة اقتصادية عميقة، ولكن روسيا البيضاء اختارت طريقها للتغلب على هذه الأزمة، بعد انتخابات عام 1994 من “ألكسندر” كأول رئيس لروسيا البيضاء أطلقت البلاد على طريق “اشتراكية السوق” على عكس طريق “الرأسمالية البرية” الذي اختارته روسيا في ذلك الوقت. وتمشياً مع هذه السياسة أدخلت الضوابط الإدارية على الأسعار والعُملة سعر الصرف، أيضا حق الدولة في التدخل، ووسعت إدارة المشاريع الخاصة، ولكن على 4 /مارس/ 2008 يصدر الرئيس مرسوماً بإلغاء حكم السهم الذهبي في حركة واضحة لتحسين التصنيف الدولي إزاء الاستثمار الأجنبي.
وتعتمد بيلاروسيا على المُنتجات التي تستوردها من روسيا، وأبرزها: النفط، كما يُشكل القطاع الزراعي نسبةً جيدةً من الاقتصاد الوطني، كإنتاج البطاطا، ومنتجات الماشية، أما عن الصناعات التي عُرفت بها بيلاروسيا عبر سنوات تاريخها فهي، صناعة المنسوجات، ومعالجة الأخشاب، ويُذكر أنّ ما يزيد عن نصف السكان يعملون في شركاتٍ تابعةٍ لإدارة الدولة، فيما يعمل البقية بنسبةٍ مُقاربةٍ في القطاع الخاص، بالإضافة إلى نسبةٍ قليلةٍ منهم يعملون في شركاتٍ أجنبية، أو تتبع ملكيتها لأجانب.