مسألة مستعجلة

ليست بالشيك المصرفي وحده تعالج الأزمة!!

في إطار معالجة أزمة السيولة، لجأت وزارة المالية لوسيلة تبادل بديلة في الخدمات والبيع والشراء، وذلك للتقليل من تأثيرات الشح، فكان استحداث نظام البطاقة المصرفية والشيك المصرفي.
كتبت في هذه المساحة قبل فترة ليست بالقصيرة، عن ضرورة أن نواكب التقدم الحادث في دول العالم المتطور والتي تقل فيها نسبة استخدام السيولة (العملة)، لأقل من (6%)، حيث إن الجميع يحمل في جيبه بطاقة مصرفية يشتري بها ما يشاء ومتى ما يشاء من الأسواق والمراكز الخدمية المختلفة، وفيما يلي عمليات البيع الكبيرة يستخدم الشيك المصرفي.
مخاوف عدة سرت بين المواطنين من جراء هذا النظام المالي الجديد، حيث إن ضوابط صارمة تلزم الأطراف بعدم التعامل بالنقد أي (الكاش)، وتوقع كل من يخالفها في طائلة المساءلة القانونية بخاصة في عمليات بيع الأراضي والعقارات.
نحن ندعم هذا الاتجاه بقوة كما أشرت، ولكن لا بد من أن يستبق هذه الخطوة عمل أرضية صلبة ينطلق منها المواطن في تعاملاته المصرفية، ليس بالسهل أن يكون القرار نافذاً بمجرد الإعلان عنه، لأن ذلك يحتاج لتنوير وتثقيف، وأهم من ذلك أن يكون الوضع فيما يلي السيولة طبيعياً، حيث يصعب التنفيذ في ظل هذا الوضع الاستثنائي.
في الدول المتقدمة كان خيار الانتقال إلى هذا النظام المصرفي المتقدم غير التقليدي، اختيارياً، لسبب واحد وهو أنه ليست هناك مخاوف على الأرصدة أو الأصول التي يتم تداولها، وليست هناك مشكلة سيولة يمكن أن تُعقد المعاملات كما حالنا اليوم، لذلك ينبغي حل مشكلة السيولة أولاً، وأن يكون هناك قدر من الطمأنينة في نفوس العملاء مع المصارف بعد أن تضاءلت في الآونة الأخيرة بسبب أزمة السيولة.
الحكومة بحاجة للاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا، وكذلك يمكن الاستفادة من تجاربها في الانتقال السلس في برامج مماثلة كالجواز الإلكتروني والبطاقة القومية، والتي حرصت وزارة الداخلية على تنزيلها بصورة سلسة، حيث كان الجواز القديم سارياً بجانب القديم لفترة طويلة، وكذلك البطاقة الشخصية في مقابل البطاقة القومية.
حالة انعدام الثقة تجعل من الصعوبة أن يكون القرار واقعاً بين ليلة وضحاها، يحتاج المواطن البسيط في الولايات البعيدة أن يكون على قدر جيد من الوعي والمعرفة بتفاصيل هذا التحول، وكثير من المواطنين في العاصمة الخرطوم، لم يسمعوا بهذا التحول ولا تفاصيله حتى الآن.
أي محاولة للتعجل في إنفاذ هذه المعالجات، سوف ترتد سلباً وستكون المحصلة صفراً كبيراً.. والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية