تقارير

التقاعد الاختياري في الطيران المدني……جدل إلغاء الوظيفة والحفاظ على حقوق العاملين

داخل مطار الخرطوم الدولي وضعت ادارة سلطة الطيران المدني كشفاً من الأسماء يبلغ عددهم (831) من العاملين في مهن النجارة والخياطة والسواقة بالإضافة إلى من اقترب عمرهم من سن التقاعد القانوني، وذلك في إطار إعلان عن الهيكلة الجديدة بعد فصل الجسم الرقابي عن الأجسام التشغيلية، ومع كشف الأسماء كان هنالك بيان صادر يتحدث عن مميزات التقاعد الاختياري.
وجدت خطوة الطيران المدني استحساناً من البعض والرفض من البعض الآخر، وخلقت جدلاً واسعاً بعد اقتراب الموعد المحدد له في اليوم الخامس والعشرين من هذا الشهر، لأن الجسم التشغيلي سيعمل ضمن شركة قابضة للمطارات السودانية تضم داخلها شركة هندسة المطارات الاستشارية وشركة المطارات الولائية وشركة مطار الخرطوم وأكاديمية الطيران وأن الاستيعاب فيها سيكون وفقاً للاحتياج الفعلي والمؤهلات الخاصة بالعاملين بها، أما العاملون بسلطة الطيران المدني يعملون بوظائف فنية متخصصة في مجال الطيران وظيفتها الأولى ادارة الأمن والسلامة وادارة اقتصاديات النقل الجوي والإشراف على المطارات عبر المقاييس والمعايير الموصى بها من قبل المنظمة الدولية للطيران المدني، إلى جانب وضع السياسات والاستراتيجيات لصناعة الطيران.
 من شروط برنامج التقاعد الاختياري – بحسب ما تحصلت عليه (المجهر) – أن التقديم طوعي في الفترة الأولى والتي امتدت من مارس في العام الماضي وحتى نوفمبر الماضي وتتم دراسة كافة الطلبات المقدمة ومطابقتها بالمعايير والمتطلبات الخاصة ، ومن الشروط كذلك إن عقد العمل للعامل المستفيد من البرنامج يبطل من خلال الموافقة على شروط البرنامج ويعود قرار قبول طلبات التقاعد الاختياري أو رفضها لسلطة الطيران المدني وتعتمد قرارات قبول هذه الطلبات علي توصية لجنة التقاعد الاختياري. ويدخل البرنامج المرحلة الثانية وهي التعيين المباشر للمستهدفين.
 يقول رئيس نقابة العاملين السابق بالطيران المدني “صلاح الحاج” أمس (الثلاثاء): (دعونا نتساءل: لماذا يكون هنالك تقاعد اختياري)؟
قبل أن يمضي ليشرح موقفه بالقول:(هذا التقاعد جاء نتيجة لفصل السلطات الرقابية من السلطات التشغيلية والخدمية في الطيران المدني، وهنالك رؤيتان متناقضتان حول من يقوم بالخدمات التشغيلية، نحن رأينا في النقابة السابقة كان يؤكد على أنه لابد من أن يقوم بها جسم واحد وتكون هنالك هيئة حكومية بحيث يكون هنالك تدرج في الفصل ما بين الرقابة والتشغيل).

ويضيف صلاح:(لكن الآن اتضح أن هنالك 4 أجسام تشغيلية فصل بينها فصلاً تاماً، ونحن رفعنا مذكرة للسيد المدير العام لسلطة الطيران المدني بهذا الخصوص ورفعنا مذكرة أخرى للاتحاد العام لنقابات عمال السودان، لأن فصل الجسم التشغيلي الى أجسام متعددة يترك آثار سالبة جداً، منها أنه لا يجعل هنالك تناسقاً والعلاقات بين هذه الأجسام تحدث فيها تقاطعات كثيرة جداً لتعدد الإدارات، بالإضافة إلى ذلك أنها قللت العمالة وجعلت الإسناد الخارجي عبر شركات خارج الطيران من السوق المحلي، ولا توجد شركات متخصصة في عمل المطارات).
ونبه “صلاح” إلى أن الآثار السالبة ستظهر من خلال الممارسة العملية لتطبيق هذا النظام، وزاد بالقول:(الضرر وقع على العمل أكثر من العامل).
وبخصوص برنامج التقاعد الاختياري الذي طرحته سلطة الطيران المدني يقول رئيس النقابة السابق: (مهما كان المقابل الذي يتحصل عليه العامل من التقاعد الاختياري فإنه لا يساوي الفقد الذي تفقده سلطة الطيران المدني من كوادر مدربة ومؤهلة، بالإضافة الى ذلك فإن عدد العاملين المتبقي لا يكفي للأعمال التشغيلية في كل مطارات السودان.)
ويقول مدير مشروع الإستراتيجية بالطيران المدني “زهير حمدنا الله شندقاوي” لـ(المجهر) إن الفصل بين الجسم الرقابي والتشغيلي جاء نتيجة للمطلوبات الولية من منظمة ” الإيكاو” ، ويشير إلى أن اعمار العاملين في الهكيل الحالي كبيرة جدا وتخصصاتهم لا تتلاءم مع وصفهم الوظيفي. ويتساءل :(ما علاقة مهن النجارة والحدادة وعمال النظافة بالهيكل الوظيفي للطيران المدني؟ هذه الخدمات موجودة في السوق) ويضيف “شندقاوي”:(فكرة التقاعد الاختياري مناسبة وجاءت لمعالجة اختلالات في الهيكل الوظيفي وفق هيكل مدروس، وأمام الإدارة خياران إما إلغاء الوظيفة أو وضع حلول تراعي الجوانب الإنسانية للعمال، وهذا ما تعمل به الإدارة بعد وضعها لحزمة مقدمة ومجزية جداً للعاملين إذا قارنها بالوضع الاقتصادي).
ويشاركه في الرؤية الأمين العام نقابة العاملين بالطيران المدني محمد المصباح الذي اعتبر أن مشروع التقاعد الاختياري انتصار للنقابة وقال لـ(المجهر): (بدأ المشروع منذ أربعة أعوام وقاومته نقابة العاملين بشدة نسبة لضبابية الرؤية حيال حقوق العاملين والذي أضاف كان لدينا تخوّف كبير بسبب الظلم الذي وقع على العاملين بسبب الخصخصة وإعادة الهيكلة في مؤسسات الدولة ولكن بعد جلوسنا في اجتماعات متصلة مع الإدارة العليا وصلنا لحزمة الحوافز المطروحة الآن). وأضاف “المصباح”:(اعتماد التكافل المعاشي ضمن حزم حوافز البرنامج مالياً أحد الانتصارات التي تحققت للعاملين إذا علمنا أن العاملين الذين أحيلوا إلى التقاعد في العام 2010 م ونزلوا المعاش الطبيعى ببلوغ السن القانونية لم يحصلوا علي استحقاقاتهم من التكافل المعاشي إلى الآن نسبة إلى العجز المالي لصندوق التكافل الذى يمول من استقطاعات العاملين.                                   (
ويتخوف العاملون من برنامج الهيكلة وضياع حقوقهم، لكن المصباح يقول: (نختلف كثيراَ عن المؤسسات التي انتهجت برنامج الهيكلة خصوصاً في برنامج التقاعد الاختياري المبكر إذ يحوي أورنيك التقديم للبرنامج نصاً يحمي العاملين ويشير هذا النص إلى أن العامل ما لم يستلم كامل حقوقه وبشكل مرضي لا تُلغى وظيفته عكس المؤسسات التي تمت هيكلتها، فهي كانت تقوم بإلغاء الوظيفة ومن ثم تبحث بعد ذلك عن استحقاقات العاملين، نحن في النقابة كنا ننافح البرنامج رغم الحوافز المقدمة إلى أن تمت إجازة القانون وبعد ذلك أصبح ليس هناك مناص من الاستفادة من حزم الحوافز المقدمة لاعتبارات عديدة أبرزها أن القانون ومنذ الآن يُمكّن من إلغاء الوظائف فالآن جميع الأجسام تؤول إلى السلطة، لأن الهيئة العامة للطيران المدني أصبحت لا وجود لها قانوناً.)
ويعاني  الطيران المدني من اختناقات عديدة في الهيكل نسبة لارتفاع أعداد العاملين الذين تجاوزوا سن الخمسين والتراكم في الدرجات الوظيفية العليا. ويقول المدير العام لسلطة الطيران المدني “محمد عبد العزيز”: (نحن حريصون على مصالح العاملين وحزمة الحوافز المقدمة للعاملين مجزية ومتنوعة  في وقت  بدأ فيه العاملون فعلياً في دراسة فرص اللحاق بالبرنامج قبل إعلان إلغاء الوظائف).
ويشير “محمد” إلى مزايا تطبيق مشـروع الفصل بين الأجسام الرقابية والتشغيلية بعدة منافع على العاملين في قطاع الطيران واقتصاد البـلاد عامة منها خلق فرص عمل جديدة، زيادة الثقة العالمية في قطاع الطيران المدني في السودان، زيادة فعالية شركات الطيران والمطارات نمو حركة المسافرين ونمو حركة الشحن الجوي.
ويشير “محمد” كذلك لتجارب دول عديدة من بينها الممكلة العربية السعودية وتركيا ودبي في تقديم الشركات للخدمات التشغيلية للمطارات وممارسة الطيران المدني للدور السيادي في المراقبة وتنفيذ القوانين الدولية الخاصة بمنظمة (الإيكاو).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية