حوارات

والي ولاية (سنّار) "أحمد عباس" في حوار بعد اكتشاف خلية المحمية

لم يكن أحد يتوقع أن تشهد محمية الدندر الاتحادية التي تقع بين ثلاث ولايات حدودية هي: سنار، القضارف والنيل الأزرق معارك عسكرية تستخدم فيها تكتيكات الكر والفر على مدى أيام، إذ ظلت المحمية الطبيعية رمزاً للسياحة والترويح، لاحتضانها أنواعاً متعددة من الحيوانات البرية النادرة. ولكن في الأسبوع الماضي تحولت هذه المحمية إلى ساحة حرب بين ليلة وضحاها بين الأجهزة النظامية ومجموعة من الشباب  حملوا السلاح لسبب ما في وجه الجهات المسؤولة.
(المجهر) حاولت التعرف على تفاصيل الحدث، ونقل الصورة عن قرب فالتقت والي ولاية سنار “أحمد عباس” في حوار تناول قضايا الولاية والأحداث التي دارت مؤخراً.. فإلى التفاصيل..

{ بداية.. نود التعرف على ملابسات الهجوم على شرطة الحياة البرية بمحمية الدندر؟
– كما ذكرت سابقاً هذا الحدث وقع في يوم 2 نوفمبر من العام الحالي، عندما قام عدد من المجهولين بمهاجمة معسكر شرطة الحياة البرية في (قلقو) داخل محمية الدندر، وقد نتج عن هذا الهجوم انسحاب كامل للقوة التي كانت موجودة في المعسكر تحت وابل الرصاص الذي أطلقه المهاجمون على قوة شرطة الحياة البرية. هذا الهجوم أسفر عن انسحاب القوة نتيجة للرصاص الكثيف الذي أطلقته المجموعة المهاجمة، وبعد إخلاء المكان قامت القوة المهاجمة بكسر مخزن الأسلحة وأخذت الأسلحة والذخائر والمهمات الموجودة فيه.
{ على الرغم من أن الحدث كان كبيراً لكنكم لم تتمكنوا من التعرف على المجموعة؟
– نحن حاولنا معرفة هؤلاء المهاجمين، ولكن فشلنا في معرفتهم، كما فشلت كل التوقعات، لأن المعلومات التي بحوزتنا عن الناس المسلحين الذين يدخلون إلى المحمية في مثل الزمن الذي حدث فيه الهجوم هم الرعاة أو العسالة أو الصيادون، ومن خلال التحريات لم يتضح أن أياً من المذكورين قام بالهجوم. لذلك وجّهنا أجهزة الأمن بالولاية  لتكثيف الاستخبار عن الجهة التي هاجمت المعسكر، ونتيجة للعمل الجاد والمسؤول الذي قام به الأخوة في جهاز الأمن علمنا أن هنالك مجموعة من الناس موجودة داخل المحمية في منطقة تسمى (أم الخير)، وهم أناس ملثمون يجرون تدريبات عسكرية، وقد تم وضع خطة محكمة لمهاجمة هذه المجموعة، وفي يوم الجمعة أثناء صلاة الجمعة تمت مهاجمة المعسكر فقتل واحد منهم وأُلقي القبض على آخر، وفر البقية من المعسكر، ولكن الأجهزة الأمنية تعقبتهم بعد فرارهم بثلاثة أو أربعة أيام حتى تم القبض على حوالي (31) متهماً، واتضح بعد التحريات أن أحدهم قتل في الهجوم الأول الذي كان بتاريخ 2 نوفمبر واثنين آخرين قتلا في المطاردة الثانية والثالث مات متأثراً بجراحه لاحقاً.
{ على ماذا عثرتم في معسكرهم؟
– عثرنا على كل المفقودات التي نهبت من معسكر (قلقو)، وهي أسلحة وأجهزة وغيرها، كما وجدت بحوزتهم أجهزة اتصال ثريا وكمبيوتر محمول ودوائر كهربائية، ومواد ناسفة وأخرى كيميائية، ومولد كهرباء، وكمية من المهمات العسكرية مثل البوت واللبس وغيرها. 
{ ما هي نوعية الأسلحة التي أخذوها من معسكر (قلقو)؟
– أخذوا ثماني قطع (كلاشنكوف) واثنين (رشاش قرنوف) وكمية كبيرة من الذخائر وعدد من اللبس.
{ معسكر التدريب اُكتشف بعد ثلاثة أشهر في محمية الحياة البرية.. ألا توافقني بأن هناك قصوراً حدث؟
– لا لم يُكتشف بعد (3) أشهر، وإنما بعد شهر واحد فقط.
{ أقصد منذ أن دخلت الخلية كما أطلقتم عليها إلى المحمية؟
– هذا الأمر كان يرجع إلى سبب أساسي، هو أن المحمية البرية مساحتها ضخمة تبلغ عشرة كيلومترات مربعة، ولا يوجد بها سكان ولا يعبرها طريق، بالإضافة لهذا فإن القوة الموجودة فيها كانت تنسحب في موسم الخريف بنسبة (90%) إلى الدندر و(10%) فقط تظل من أجل حراسة المعسكر الرئيسي والقوة الموجودة فيه، وفي الخريف لا تستطيع أن تتحرك أية حركة داخل المحمية لأن مياه الأمطار تغلق كل الشوارع الموجودة في الحظيرة، هذا بالإضافة إلى أن المحمية نفسها لا تتبع لولاية سنار.
{ لكن الأجهزة الأمنية فشلت في اكتشاف المعسكر طيلة هذه الفترة الطويلة.. أليس كذلك؟
– أنت تسميه تأخيراً وفشلاً وأنا أسميه نجاحاً، لأن المنطقة التي أُكتشف فيها المعسكر توجد بها حشائش أطول من المكتب الذي نجلس فيه الآن، بالإضافة إلى غابات كثيفة وظروف طبيعية لا تستطيع أن تتحرك فيها بالوسائل كافة.. لهذا أنا أرى أن الأجهزة الأمنية نجحت بصورة مقدرة وقامت بعمل كبير سأكافئها عليه.
{ تكافئها رغم أنها فشلت في الوصول إلى معسكر للتدريب العسكري على بعد أميال من رئاسة ولايتكم لثلاثة أشهر؟
– نعم تستحق المكافأة لأننا نقدّر الظرف والوقت اللذين تعمل فيهما، ولا نجرد الأشياء ونحصيها بالأيام لأنهم يعملون في ظروف، كما أسلفت، تجعلهم كمثل الذي يبحث عن إبرة في (كوم قش) بين حظيرة مساحتها (10) آلاف كيلومترات وحشائشها أطول من ثلاثة أمتار وغابات كثيفة وأمطار غزيرة.. ماذا تريد منهم أن يفعلوا في مثل هذه الظروف؟!
{ إذن أنت لن تفاجأ إذا تم اكتشاف معسكر جديد في المحمية مقام منذ عامين أو ثلاثة؟
– نعم لن نتفاجأ إن وجدنا معسكر آخر داخل المحمية.
{ سبق أن قالت شخصيات من المؤتمر الوطني عن الانقلاب الأخير إن الذين قاموا به هم أولادهم.. وكذلك راج حديث عن هؤلاء المتشددين أنهم أولادكم؟
– (أخذ نفساً عميقاً( ثم قال: حقيقةً مثل هذا الخلط ذاته مشكلة، نحن لم نقل هؤلاء أولادنا، ولم نقل معارضة، ولم نقل هذا أو ذاك، بل قلنا إنهم أناس لديهم أفكار جهادية سلفية، (ثم واصل بانفعال واضح): يكونوا أولادنا نحن، أولاد الجن الأحمر، أولاد أي مكان، ليس لدينا معهم (شغلة).. الجريمة هي الجريمة، ليس بالضرورة أن يكون مرتكبها لديه صلة بك حتى لو ارتكبها (أبوك) ستكون جريمة، وصلة القرابة بمرتكبها لا تنفي كونها جريمة، ولا أعتقد أن هذا الأمر مهم، وإذا فلتت من أي زول كلمة  (عايزين تشيلوها تقيسوا بها الدنيا كلها).
{ حدثت لديكم أحداث مشابهة في السابق؟
– باقتضاب: أين حدث؟ و(يواصل بصرامة): ولاية سنار لم تحدث فيها جريمة مشابهة من قبل، ولم يسجل بلاغ لتكفيريين، ولم يكن أي من هؤلاء المتهمين من ولاية سنار على الإطلاق.
{ من خلال التحريات.. ما هي المناطق التي ينتمي إليها المتهمون؟
– (يحصي على أصابع يده): الجزيرة، الخرطوم، القضارف وكسلا.. أربع ولايات.
{ في اعتقادك.. لماذا اختاروا ولاية سنار بالتحديد؟
– قالوا إنهم عملوا بحثاً على الكمبيوتر– يقصد الانترنت- فأشار لهم إلى هذه المنطقة، فدخلوا عليها بـ(قوقل) ووجدوها خضراء وأرضها جميلة، ولهذا السبب اختاروها.. هذا حسب إفادتهم.
{ طيب.. حسب وجهة نظركم أنتم.. لماذا اختاروا سنار؟
– لأنها منطقة خالية لا يوجد بها بشر، وبها غطاء نباتي كثيف يسهّل عملية الاختباء.
{ ما هي المعالجات التي وضعتموها لسد الثغرات؟
– (صمت برهةً، ثم أجاب): تشديد الحراسة وتوفير وسائل الحركة، وإليك هذا المثل، نحن في السودان في كثير من الأحيان لدينا تفكير متخلف، هذه المنطقة إذا وجدت بالوناً واحداً كان بالإمكان حراستها بسهولة والتعرف كل شيء داخلها، لأن البالون ليس له صوت، ويمكن أن يطير على ارتفاع منخفض، ويمكن أن يلامس رؤوس الأشجار، فتصور ما تريد.. لكن إذا استخدمت مروحية فإن صوتها يساعد على الاختباء بسهولة شديدة، وهذا ما طالبت به منذ فترة طويلة.
{ هذا لن يتحقق.. وأنتم تتوقعون وجود معسكرات داخل المحمية؟
– قلت لك إن المحمية لا تتبع لولاية سنار، وأنا مصر على هذا الكلام، وأنا لست صانع قرار، ولا أستطيع أن أقول أعملوا كذا أو كذا.
{ ولكنكم كولاية متضررون؟
– نعم متضررون تماماً– كررها مرتين– ولكن رغم هذا أنا ليس لدي غير أن أقترع وأقدم وأناقش وأنتظر، لأن المحمية تتبع لإدارة الحياة البرية، وهي اتحادية، والدستور نص على أن تكون قومية، وهذا أنا أرفضه وأطالب بأن تتبع المحمية لولاية سنار، لأنها لابد أن يكون لها رأي فيما يحدث داخل المحمية.
{ بعد هجومين متتاليين هل تتوقع ثالثاً؟
– نعم أتوقع، رغم أن هذا الخلية انتهت، لكن لا استبعد أن تأتي أخرى ولما لا..؟!
{ طيب.. بماذا احتطتم؟
– معروف أن المحمية مطلة على ثلاث ولايات، وإن أردت حراستها فلابد من تنسيق بين الولايات الثلاث في المجال الاستخباراتي والأمني حتى لا تتكرر مثل هذه الأحداث.
{ هل تتوقعون عمليات انتقامية من خلايا مشابهة؟
– والله يا أخي نحن لا نسرح بالخيال، ولكن واقع الحال يجعلنا نضع هذا الاحتمال في قوالب معينة، لأن هذه المحمية لم يسبق لأناس معارضين الوصول إليها عدا الأحداث التي وقعت في عهد “نميري” مع حركة 1971م.
{ ما هو نوع الأسلحة التي كانوا يتدربون عليها؟
– يتدربون علي أسلحة مثل (الكلاشنكوف)، (كرنوف) ودوائر كهربائية ومواد كيميائية وغيرها.
{ في رأيك.. أين ستكون وجهتم بعد هذا المعسكر؟
– يوجد كلام أنهم يريدون الذهاب إلى الصومال أو مالي، ولكن المعلومات التي وجدت في اللابتوب الذي بحوزتهم تؤكد إنهم يريدون مهاجمة مواقع عسكرية تتبع للجيش والشرطة في حدود ولاية سنار.
{ إذن.. يريدون القيام بعمل عسكري داخل السودان؟
– أنا على قناعة تامة بأنهم يريدون القيام بمهام عسكرية داخل السودان، وهذا موجود في صفحة محددة في اللابتوب، بأنهم يريدون إعلان تنظيم الجهاد السوداني تحت مسمى (رجال حول الرسول).
 { ننتقل إلى محور آخر.. وهو برنامجك الانتخابي.. يوم 28 سبتمبر 2009م قلت إن مواطني الولاية (95%) منهم مزارعون وأعلنت بأنك ستقوم بكهربة المشاريع الزراعية خلال عامين.. هذا لم يحدث حتى اليوم؟
– من الذي قال إن المشاريع لم تُكهرب..؟! لعلمك الولاية بها خمسة مجمعات زراعية هي: (كساب) ومساحته (65) ألف فدان تم افتتاحه، و(المسرات) في مساحة (50) ألف فدان تم افتتاحه، و(ود هاشم ومايرنو) وصلت طلمباته ولم يتبق لها غير التركيب الآن، (النايرة) تمويله شغال، ومستعد أمدك بالخطابات، والخامس (كركوج) جاء عبره مشروع (الرهد) وإن شاء الله قبل انتهاء فترتي الانتخابية ستكتمل جميع هذه المشاريع.
 { ولايتكم من أكثر الولايات تدهوراً في خدمات البيئة؟
– نحن ليس أسوأ من الخرطوم.
{ المياه أفشلتك في مدينة سنار في الانتخابات؟
– لم أسقط في الانتخابات في مدينة سنار، هذه مجرد افتراءات صحفيين.. حقيقة كان العدد أقل مما توقعت، ولكن لم أسقط.
{ وما زالت مشكلة المياه قائمة؟
– شبكة مياه سنار عملت في الخمسينيات، واليوم نعمل على تغييرها بأكثر من (15) ملياراً، وتركيبها تكلفته أكثر من (5) مليارات، وكذلك الآن نعمل في محطة جديدة.
{ ولكن فترتك الانتخابية شارفت على النهاية؟
– أنا لا أعمل لبرنامج انتخابي، بل أريد أن يستمر العمل لخمسين أو ستين سنة مقبلة.
{ لكن الناخب يريد تنفيذ البرنامج التي بشّرت بها؟
– (بانفعال).. يا أخي الناخب في سنار إذا عايزني أنا شغال، ولو ما عايزني خليهو يجيب ليهو زول تاني يعمل ليهو شبكة مياه في يومين.
{ تحدثت سابقاً عن مشروع سكر أمريكي؟
 – (باقتضاب).. نعم، صحيح.
{ ومشروع سكر السوكي لم تتضح معالمه بعد؟
– لا أبداً اتضحت، وبنهاية 2014م سيُدشّن.. ولعلمك هناك  ثالث عربي في الطريق وآخر رابع (جاي) بعده.
{ وصفت في وقت سابق مواطن الولاية بأنه معيق للاستثمار لتمسكه بالأرض؟
– ليس المواطن، بل الإعلام هو المعيق للاستثمار في الولاية من خلال إثارته الهدامة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية